سعيد السريحي- عكاظ السعودية-
«نعم يرضينا» هكذا رد حضور الأمسية الشعرية التي شهدها معرض الكتاب في جدة ليلة أول أمس على أحد المحتسبين حين سألهم عن رأيهم وهو يحاول أن يستثيرهم ضد مشاركة المرأة في الأمسية، وكان المسؤولون عن ضبط الأمن في المعرض يقودونه بعيدا عن منصة الإلقاء.
«نعم يرضينا» لم يكن مجرد جواب عابر على سؤال عابر، وإنما كان ردا حاسما على محاولة مصادرة حرية المجتمع وخياراته في مسألة أقرتها الجهات المسؤولة ولم تغب عن إقرارها المؤسسات الرقابية الأكثر حرصا على الحدود الشرعية والقيم الاجتماعية من أولئك المحتسبين الذين يحاولون فرض آرائهم ومواقفهم حين يشاءون وحيث يريدون.
«نعم يرضينا» عبارة تحمل قرارا برفض أي وصاية على مجتمع عربي مسلم عارف بدينه وأخلاقه وآدابه وله مؤسساته الدينية والاجتماعية والأمنية التي لن تترك فراغا يملأه هؤلاء الذين يعتقدون أنفسهم محتسبين ويحملون في قرارة أنفسهم اتهاما للمجتمع بالانحراف ولمؤسسات المجتمع بالتواطؤ مع هذا الانحراف الذي يتوهمونه، كما يحملون في أنفسهم تصورا يخيل لهم معه أن مؤسسات المجتمع عاجزة عن تصحيح مساره وإعادة توجيهه إذا شذ عن السبيل.
لم يكن في خلد الرجل الذي أراد إثارة الفوضى في معرض الكتاب أن الحضور وهم نخبة يمثلون المجتمع رجالا ونساء وشيوخا وشبابا سوف يواجهونه بما واجهوه له حين هتفوا به «نعم يرضينا» ثم طالبوه أن يغادر، لم يكن يدور بخلده أن المجتمع قد نضج ولم يعد هو نفس المجتمع الذي كلما تنمر متنمر باسم الدين مرة وباسم الأخلاق مرة أطرق إذعانا له وخوفا منه، لم يكن يعرف أن المجتمع قد بلغ سن الرشد فهل له ولمن يقفون وراءه أن يدركوا ذلك، وأن يتوقف ويتوقف من وراءه عن فرض الوصاية على المجتمع، وهو إن لم يفهم ولم يفهم من يقفون وراءه ذلك فسوف يبقى هو ومن وراءه وحدهم الذين لم يبلغوا سن الرشد وسيجدون في كل مناسبة يزجون فيها بأنفسهم من يهتف بهم: نعم يرضينا، اطلعوا برّة.