بعض الامور حين تربط فيما بينها يبدو لك للوهلة الاولى انها متناقصة، لكن إن تمعنت قليلا ستجد انها مترابطة ومتناسقة، هذا هو واقع حال جائزة التميز العلمي في موسمها الخامس لهذا العام والتي تشرف عليها وترعاها جامعة الملك سعود، وتعنى بالشأن العلمي لمنسوبيها من باحثين واعضاء هيئة تدريس وطلاب للارتقاء بالمستوى العلمي بتنافسية متميزة لخدمة اهداف الجامعة العلمية ما يعود بالنفع على الدولة ككل مستقبلا.
العلم هو اساس كل تطور إن اسس له من امكانات ودعم وتوجيه ورعاية، والعلم بكل ارقامه وثوابته ومتغيراته دائما ما يرتبط بالابداع الذي هو ايضا اصبح لا يعتمد فقط على الموهبة والفطرة بل على ما يتم صقله وبناؤه في المبدعين وتهيئتهم واعدادهم اعدادا يفجر فيهم كل الطاقات والامكانات.
لا يمكن لاي دولة او مجتمع ان يتطور او يواكب تطور العصر الا إن امتلك زمام المبادرة العلمية وانتج علما وعلماء.
ما لفت انتباهي الى موعد الحفل الختامي لجائزة التمير العلمي لجامعة الملك سعود هو تزامنها مع اطلاق برنامج التحول الوطني والمضي قدما نحو رؤية 2030، والتي ما كانت لتكون لولا العلم السليم وادواته الصحيحة، ولقد تم تأسيس هيئة الترفيه، وما زلنا في الخطوات الاولى لهذه الهيئة والتي كنت اشرت سابقا في مقالة الى ان الترفيه هو صناعة تعتمد على الاستثمارات، لكني اليوم ازيد فوق رأيي هذا ان الترفيه ايضا علم لانه ابداع وتميز، وهنا بينت نظريتي بين جائزة التميز العلمي، وبين الترفيه الذي نريده في المملكة.
الربط ليس بطرح افكار ترفيهية علمية، او محاولة اسقاط جوائز علمية على مفهوم الترفيه الذي يريده الناس والذي اعلم جيدا انه يريدونه ترفيها بالمفهوم العالمي النمطي وليس المحصور المكرر، الربط أراه سيكون ايجابيا ان عملنا على استغلال مواهب شبابنا السعودي المبدع علميا في بناء نماذج ترفيهية تقف على خط الوسط بين ما يريده الفرد، وبين ما لا يعارض دينا او تقليدا.
شبابنا المتميز علميا وابداعيا ان اعطي الفرصة المناسبة فانه سيكون قادرا على ايجاد الافكار المناسبة الترفيهية المطلوبة، بدلا من ضياع الوقت في التفسير والتحليل لنعطي هؤلاء الكوكبة من المتميزين علميا ان يدلوا بدلوهم خاصة وانهم من فئة الشباب الذين هم اكثر من يجب ان يستهدفهم الترفيه وبحكم انهم الفئة العمرية الاكبر في المجتمع السعودي.
الشباب المبدع المتعلم المميز والمحضون برعاية الدولة هم الاقدر على تحقيق كل ما نراه صعبا، لان العلم لا يعرف المستحيل وهذه القاعدة هي اول قاعدة على كل عالم ان يتعلمها ويعمل بها والتي لولاها لما زلنا نستعمل الحمام الزاجل. هنيئا للوطن بشبابه، وشكرا لجامعة الملك سعود على هذه النجاحات وكل التهاني والامنيات الطيبة لابنائنا وبناتنا، ونقول له وطنكم اليوم بحاجة لكم اكثر من اي يوم مضى.
د. طلال بن سليمان الحربي- الرياض السعودية-