ثقافة » تربية وتعليم

ما بعد التفوق

في 2016/06/18

يشعر الجميع في كل بلد بالفخر والاعتزاز بمتفوقيهم. فخرٌ لا يجعلهم يفكرون بطائفة هؤلاء المتفوقين أو انتمائهم المذهبي أو الديني أو العرقي أو السياسي. فهم أبناء هذه الأرض. ونجاحهم وتفوقهم سيعود في النهاية بالنفع على البلاد والمجتمع.

اليوم وبعد أن صدرت نتائج الشهادتين الثانوية والإعدادية، وبعد أن نُشِرَت في الصحافة، توقعنا من الجميع هذه الفرحة وهذا الاعتزاز. لكننا فوجئنا أن بعض الصحافيين كانوا يشكّكون في نزاهة النتائج ويتكلمون بكل طائفية عنها كعهدهم في كل عام.

لن أتحدث عن هذا الموقف فهو موقف يمثل الشاذ لا العام؛ لأننا قرأنا الكثير من التبريكات ورأينا الفرحة في أعين وكتابات الكثيرين وهو الوضع الطبيعي والسليم. وحين نتحدث عن متفوقينا فإننا نتحدث عن كل بحريني ولد في هذه الأرض وزاد هذا التفوق من فرحته وولائه وانتمائه لهذا الوطن الذي يتمنى لو أنه يخدمه بكل ما يملك ويقدم له كل غالياً ونفيساً.

ولأن كل متفوق تعب وسهر الليالي وجدّ واجتهد، لابد أنه يتمنى الحصول على رغبته الأولى في الدراسة الجامعية، ويتمنى الحصول على البعثة الدراسية التي يستحقها.

وليس الطالب فقط من ينتظر القادم القريب، بل إن ولي أمره أيضاً يتمنى أن يكون ابنه في أعلى المراتب ويحقق كل ما يتمنى وخصوصاً أنه كان على معرفة بكل ما عاناه ابنه أثناء دراسته.

الفرحة للجميع، وكذلك الانتظار والترقب والقلق للجميع أيضاً. فهذه الأيام هي التي ستحدد مصائر أبنائنا، ونحن نرى ونسمع ونشهد كل ما سمعناه وقرأناه ورأيناه في الأعوام الماضية، حول البعثات الدراسية التي لم تنصف الجميع، والتي طالما طالبنا بنشر نتائجها في الصحافة بكل شفافية بالأسماء والنسب عوضاً عن نشر أرقام من غير أن يعرف أيٌ منا لمن تعود ولأية نسبة ستذهب.

كثيرٌ من الأسر اليوم تعاني عدم قدرتها على دفع الرسوم الدراسية لبعض التخصصات. وكثيرٌ من المتفوقين هم في الواقع من أسر محدودة أو متوسطة الدخل ثابروا واجتهدوا لكي يغيروا من واقعهم وواقع أسرهم الاجتماعي، بحصولهم على بعثات في تخصصات معينة طالما حلموا بها، تضمن لهم الحصول على وظائف من شأنها أن تحقق أحلامهم بخدمة أنفسهم وذويهم ومجتمعهم وبلادهم.

هذه الأحلام مشروعة، وهذه الهواجس التي تنتشر اليوم مشروعة أيضاً في ظل وجود تجارب في الأعوام الماضية كانت سبباً في إحباط كثير من المتفوقين ممن غيروا مساراتهم بسبب عدم حصولهم على ما يستحقون من بعثات في تخصصات دراسية هم الأولى بها.

نتمنى أن نجد هذا العام واقعاً أفضل وأكثر شفافية يجعل أطفالنا من الأجيال القادمة لا يخشون غدهم ويجعلهم يسعون إلى التفوق لأنهم سيضمنون حصولهم على حقوقهم التي لن يضيع معها تعب.

سوسن دهنيم- الوسط البحرينية-