كتبت الأسبوع الماضي مقالا يوضح معاناة بعض الطلاب المبتعثين من إيقاف وزارة التعليم المخصصات المالية الخاصة بزوجاتهم وأطفالهم، في حالة اضطرارهم لظروف مختلفة تركهم داخل السعودية، وعدم إقامتهم معهم في مقر البعثة خارج الوطن، ووضحت أيضا عبر المقال بأن المبتعث مكلف شرعا وقانونا بالقيام بالمسؤوليات المادية تجاه زوجته وأطفاله، سواء كانوا معه في مقر البعثة أو في السعودية، وأنه يجب على وزارة التعليم صرف المخصصات المالية للمرافقين في جميع الأحوال تحقيقا لهدف الابتعاث، وهو أن يتفرغ الطالب المبتعث لمهمته الأساسية، وألا يشغله شاغل عن طلب العلم والعودة بالشهادة التي تغرّب من أجلها.
ما إن نشر المقال حتى تواصل معي بعض المبتعثين يوضحون أنه فوق معاناتهم من إيقاف صرف وزارة التعليم المخصصات المالية الخاصة بزوجاتهم وأطفالهم، قام برنامج حساب المواطن بالتصريح بأن الطلاب المبتعثين لا تصرف لهم أي بدلات بحجة عدم تواجدهم في الوطن، وهذا قرار صائب من برنامج حساب المواطن لولا الثغرة التي يجب عليه سدها، وهي أن يستثني من ذلك الطلاب المبتعثين الذين تقيم زوجاتهم وأطفالهم داخل الوطن، يجب عليها أن تستثنيه وتصرف له البدل كما تصرفه لأي مواطن داخل السعودية، لأنه هو من يقوم بالصرف على أسرته، وبالتالي يجب عليه أن يستفيد من مميزات برنامج حساب المواطن الذي وضع لتخفيف وطأة الآثار الاقتصادية الناتجة عن الإصلاحات التي قامت بها الدولة أخيرا، وتقنين الدعم على الطاقة وغيرها حتى تصل لمستحقيها، والمبتعث المتزوج الذي ترك زوجته وأطفاله في السعودية، هو أكثر المتضررين من ارتفاع أسعار الطاقة، خاصة أنه يواجه الأمرين، إيقاف وزارة التعليم المخصصات المالية الخاصة بمرافقيه (زوجته وأطفاله)، ورفض حساب المواطن قبوله في البرنامج بحجة عدم تواجده داخل الوطن.
وزارة التعليم تتجاهل بأنه مكلف بالصرف المادي على أسرته الصغيرة، وبرنامج حساب المواطن يتجاهل بأن أسرته داخل الوطن، وأنه من الذين يحتاجون لتخفيف وطأة الآثار الاقتصادية.
من أكثر أسباب الثغرات في بعض القوانين والأنظمة هو اتخاذها ارتجاليا من خلف المكاتب الفاخرة، بعيدا عن هموم الشارع والواقع، ومن أكثر أسبابها أيضا هو تجاهل بعض المسؤولين عن هذه الأنظمة والقوانين لهذه الثغرات عندما تكشفها لهم التجربة والتطبيق، ويكشفها لهم الإعلام وشكاوى المتضررين، ولذلك أتمنى على مسؤولي برنامج حساب المواطن سد هذه الثغرة التي تضرر منها كثير من المبتعثين، واتخاذ القرار بأن يشملهم الدعم حتى يعينهم على تحمل ارتفاع أسعار الطاقة، والتغيرات الاقتصادية التي تمر بها البلاد، يقول الدكتور غازي القصيبي -رحمه الله- في كتابه الأثير حياة في الإدارة: "إن لقاء شخصيا واحدا قد يحقق ما لا تستطيع عشرات المراسلات الرسمية تحقيقه"، ولذلك أتمنى على وزير العمل والتنمية الاجتماعية أن يلتقي ولو بمبتعث واحد من المبتعثين المتزوجين الذين تضرروا من هذه الثغرة في برنامج حساب المواطن، أو ليسأل وزير التعليم كم عدد الطلاب المبتعثين الذين أوقفت وزارة التعليم صرف مخصصات المرافقين لهم (الزوجة والأطفال)، بسبب عدم تواجدهم مع المبتعث في مقر البعثة، وحينها سيتبين لكم يا معالي الوزير حجم الضرر الذي خلفته هذه الثغرة على شريحة كبيرة من المبتعثين.
فهد عريشي- الوطن السعودية-