ثقافة » تربية وتعليم

مبتعثو السعودية بأمريكا.. جودة بالتعليم وخوف من "فكر الإرهاب"

في 2017/04/22

الحرص السعودي على ابتعاث الأبناء ورفع المستوى المهني والعملي يقابله متابعة نشطة وواعية حول طبيعة الأفكار والنقاشات التي قد يتعرض لها المبتعثون في الخارج، وهم بعيدون عن ذويهم، ما حدا بالملحقيات الثقافية للمملكة، أن تولي أبناءها المبتعثين اهتماماً خاصاً لتكون حوائط الصد ضد الأفكار الشاذة والمتطرفة التي تنعكس سلباً عليهم وعلى صورة البلاد.

وتتصدر الولايات المتحدة الأمريكية دول العالم في استقبال المبتعثين السعوديين ضمن "برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي"، بنسبة 30%، تلتها بريطانيا بنسبة 15%، ثم كندا بـنسبة 11%، فأستراليا بنسبة 8%، مسجلة أكثر من 84 ألف مبتعث ومبتعثة.

في حين يبلغ إجمالي الدارسين السعوديين في الجامعات الأمريكية أكثر من 125 ألفاً؛ من المبتعثين والمبتعثات ومرافقيهم، والدارسين على حسابهم الخاص، والموظفين المبتعثين، للاستفادة من الخبرات العلمية، وتُشرف عليهم الملحقية الثقافية السعودية في أمريكا، التي أنشئت منذ أكثر من 60 عاماً، وفق إحصائية ذكرها موقع قناة الإخبارية السعودي في يونيو/حزيران 2016.

وأثيرت مخاوف الدبلوماسية السعودية بأمريكا من تعرض مبتعثيها للخطر، بعد أن شهدت مدينة كليفلاند الأمريكية جريمة مروعة ارتكبت بحق رجل مسن، منتصف أبريل/نيسان الجاري، قام فيها المجرم (انتحر لاحقاً) ببث مقطع مصور لجريمته على مواقع التواصل الاجتماعي، وألحقها بمقطع آخر يتحدث فيه ببذاءة وعبارات شتائم وهو يقود سيارته، مؤكداً أنه قتل 15 شخصاً، وفي طريقه لقتل المزيد.

- رقابة واعية وحذرة

الملحق الثقافي السعودي في الولايات المتحدة، محمد العيسى، أكد أن الملحقية تراقب حسابات الطلاب في مواقع التواصل الاجتماعي، "لمنع وصول الأفكار المتطرفة إليهم"، مشيراً إلى السعي لتقليل أعداد المبتعثين؛ حرصاً على منع تعرضهم لأفكار المتطرفين والقيام بعمليات إرهابية، حسبما أشارت صحيفة الحياة اللندنية، 11 أبريل/نيسان 2017.

العيسى يؤكد أن "هناك رقابة دائماً على كل الطلاب لحمايتهم من الانحراف الفكري، وهناك متابعة لكل ما يدور في حسابات وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بالطلاب، وبدأنا في برامج توعوية خاصة لحمايتهم، ولا أذكر أن هناك حالات مسجلة، ولكن في حال وجودها فإننا نتابعهم من خلال السفارة ليتم إرسالهم إلى المملكة".

- تركيا محط أنظار الملحقية

اضطراب الأحداث، وتصاعد التوترات على الحدود التركية السورية، وظهور ما يُسمى بتنظيم "الدولة" في العراق وسوريا، فرض على الملحقية الثقافية السعودية في تركيا متابعة مبتعثيها في الجامعات التركية، بحكم مجاورة تركيا لسوريا، ومن ثَم تتحرك الملحقية على قدمٍ وساق لتحصين طلابها من أي اختراقات.

دور الملحقية لم يقتصر على الرقابة فحسب، بل تجاوز أمر المتابعة إلى عقد لقاءات فكرية للمبتعثين، وتذكيرهم دوماً بالحرص وعدم الانخراط في أي تجمعات، بل عدم الالتفات لأي رسائل ترسل لهم من الجماعات الإرهابية بغرض التجنيد، وفق ما ذكره الملحق الثقافي السعودي بتركيا، مساعد العبد الله، لصحيفة مكة المكرمة، في 10 أبريل/نيسان الجاري.

الملحق الثقافي السعودي أكد عدم تسجيل أي حالة للطلاب المبتعثين والمقدر عددهم بنحو ألف طالب لأي جماعات إسلامية مصنفة كـ "جماعة إرهابية" من قبل السلطات السعودية.

- ابتعاث بديل

المخاطر التي باتت تحاك ضد مبتعثي الدول الأوروبية عززت فكرة البحث عن بدائل في دول أخرى، فبات الحديث حول الابتعاث إلى الدول العربية كحلول بديلة للتخفيف من الابتعاث إلى الدول الغربية.

وبرغم أن الابتعاث إلى الدول العربية ما زال موقوفاً، فإن مسألة إعادة الابتعاث إليها تخضع حالياً للبحث والدراسة.

وكيل وزارة التعليم للبعثات السعودية، جاسر الحربش، أكد أن تحويل مسار الابتعاث إلى دول مجموعة العشرين الاقتصادية يأتي لتميزها العلمي والاقتصادي، لافتاً إلى أن أعداد المبتعثين في دول مثل الصين وكوريا الجنوبية أقل مما تطمح إليه بلاده في هذا الوقت، آملاً أن تشهد أعدادهم زيادة خلال الفترة المقبلة، وفق ما ذكرته صحيفة مكة المكرمة في 10 أبريل/نيسان الجاري.

- ملتقيات ثقافية للمبتعثين

ومن المهام الملقاة على عاتق الملحقين الثقافيين بالسفارات السعودية بالخارج، بناء الاستراتيجيات، وتبادل الخبرات، واستعراض النماذج الناجحة بهدف تطوير الأداء وتحسين العمل، حسبما قال مؤخراً الملحق الثقافي في السفارة السعودية ببريطانيا عبد العزيز المقوشي.

ورش العمل أو العصف الذهني الدوري الذي تقوم به الملحقات الثقافية السعودية في الخارج بصفة دورية يهدف إلى الوصول إلى أفضل الطرق في تثقيف المبتعثين وتحذيرهم من التوجهات المتطرفة، عبر نخب سياسية وفكرية ودينية مقيمة بالخارج، تزرع التسامح والتعاطي مع الآخر، وتدير نقاشاً مفتوحاً حول كل الأفكار التي يطرحها المبتعثون.

- حلول المبتعثين وتعاونهم

ومما يتميز به مبتعثو السعودية جهدهم النوعي المبذول تجاه المبتعثين الجدد؛ إذ يقوم القدامى بشرح عادات المجتمع الأمريكي وتقاليده، وتبيين الأمور القانونية والتوصيات المطلوبة في التعامل بالسكن وأماكن التسوق والبيع والشراء.

كما أن المنتديات السعودية المعنية بالمبتعثين تؤدي دوراً مميزاً من خلال تغطية كل ما يحتاجه المبتعث الجديد، بالإضافة إلى مدونات بعض المبتعثين وقنواتهم على يوتيوب.

وكالات-