ثقافة » تربية وتعليم

التعليم: البيضة أم الدجاجة؟!

في 2017/09/12

لولو الحبيشي- المدينة السعودية-

أفضل ما يستشهد به على حرب التفاضل (من له الفضل على الآخر) كان ما يسمى باللغز التاريخي (من جاء أولا البيضة أم الدجاجة؟) ورغم أن الأمر -منطقيًا- لا يحتاج كل هذا الزخم الشعبي العالمي، فقد احتفت صحيفة الديلي ميل بتوصل علماء بريطانيين في جامعتي شيفلد ورويك لحل اللغز واكتشاف أن الدجاجة جاءت قبل البيضة وليس العكس مستدلين بأن الدجاجة هي التي جاءت بالبيضة وهي التي تضع البيض، وأن التجارب التي أجروها أظهرت أن تكوّن قشر البيض يعتمد على البروتين الموجود أساسًا في الدجاجة، وأن البيضة لا يمكن أن توجد أصلًا قبل الدجاجة لأنها لا يمكن أن تتكون إلا في بطن الدجاجة، الدكتور كولن فريمان من قسم هندسة المواد في جامعة شيفلد البريطانية كان ممن يعتقدون بأن البيضة أتت أولاً لكن البرهان العلمي الذي توصل إليه فريق البحث غير قناعاته.

تذكرت هذا اللغز وأنا أتابع الجدل الدائر في القضية التاريخية (فضل المعلم وهيبته) ومن المسؤول عن صناعة هيبته وصيانتها، والتهم التي يتقاذفها المهتمون، بعد التصريح المسمى (الشكاؤون البكاؤون) وتصريح ومقالة الأستاذ قينان الغامدي حول الهجوم على وزير التعليم وافتعال الصراع التربوي بين جهاز الوزارة وميدانها، وردود الأفعال التي تتسم غالبًا بالتعميم وآفة الرأي (الإطلاق).

اللغز الذي يطرح نفسه دومًا وهو أيضًا ليس بحاجة إلا لتفكير منطقي وتحكيم عقلاني للإجابة عليه، من يصلح التعليم أولًا، جهاز الوزارة (الرأس) أم ميدانها (الجسد) في ظل أزمة الثقة التي يفتعلها ويروج لها أصحاب القضايا الشخصية؟!

لا يصح أن يستخدم التعليم كرسالة لإضفاء هيبة على شريحة معينة في القطاع التعليمي في حين تعمل هذه الشريحة نفسها على تجريد باقي الشرائح من هذا الفضل، منطقيا رسالة التعليم هي رسالة كل العاملين في القطاع التعليمي، وإن كنا من المطالبين بإكبار وتقدير المعلمين كحملة لهذه الرسالة السامية فنحن -منطقيًا- يجب أن نطالب بإكبار وتقدير جهاز الوزارة والعاملين في التعليم بدءًا من وزير التعليم ولا نهاية، فالجميع يسعى لتحقيق ذات الهدف وإيصال ذات الرسالة.

لا يقبل المنطق أيضًا أن يقوم بعض العاملين في ميدان الوزارة بالإساءة لجهازها ووزيرها، ثم حين يمس الميدان نقد يطلب الميدان من الجهاز حمايته والدفاع عنه، العلاقة بين الجهاز والميدان علاقة رأس بجسد لكيان واحد ينبغي أن يتفق ويتصالح ويدافع عن نفسه جسداً ورأساً، فكيف يدافع الرأس عن جسد استمرأ الهجوم عليه وانتقاصه وقذفه بالتهم.

الانتقائية إحدى مشكلات هذا الصراع غير العقلاني، فبعض المعلمين يرى أن المعلمين هم الذين درسوا النوابغ والمتميزين في حين لا نعرف من الذي جنى على المتسربين من التعليم والطلاب الذين كرهوا التعليم ونفروا منه ولم يكملوا تعليمهم، وحتماً ليس السبب أن مبنى المدرسة كان مستأجرا!

اتهام وزارة التعليم بأنها خلف المعلمين المحبطين الكارهين غير المنضبطين يطرح سؤالا منطقيا أيضًا: من الذي يقف خلف المعلمين المتميزين المتفوقين الذين يحصدون جوائز التميز وتحتفي بهم الوزارة وتهديهم سيارات فاخرة؟!

ليس بحاجة لفريق بحثي ولا لمختبر يفحص المواد لحل اللغز، نحن بحاجة للعقلانية والتروي واستشعار الرسالة والتكامل، فالنفور والصراع البيزنطي لم يكسبنا شيئًا عدا تشويه صورة التعليم في بلادنا ومؤسسته وميدانه، بلا استثناء!