طه العاني - الخليج أونلاين-
تواصل الحكومة الكويتية جهودها لتطوير الكوادر المحلية وتوفير فرص التوظيف لهم في المؤسسات التربوية، بهدف تعزيز التنمية المستدامة في القطاع التعليمي، وفسح المجال أمام الكويتيين لأخذ دورهم.
ورغم إعلان البلاد الاستغناء عن مئات الوافدين العاملين في مجال التعليم ضمن خططها لتكويت القطاع، لكن أغلب التخصصات العلمية ما تزال تعاني من شح المعلمين الكويتيين.
استغناء عن الوافدين
وبعد قرار وزارة التربية الكويتية، في 15 مارس الماضي، بإنهاء خدمات أكثر من 2000 وافد من 24 جنسية، يعملون في 14 تخصصاً ضمن مؤسسات التعليم، بينهم 1815 معلماً ومعلمة، و209 يشغلون وظيفة رئيس قسم، اعتباراً من نهاية العام الدراسي الجاري، أثيرت التساؤلات حول إمكانية سد الفراغ الحاصل لدى المدارس.
وفي تعليقه على سياسة توطين التعليم، قال الموجه الفني لمادة اللغة العربية يوسف المحميد، في حديثه مع صحيفة "مواطن" الكويتية: إن "التوطين ليس سياسةً تنتهجها وزارة التربية بناءً على خطة تسعى إلى تحقيق أهداف تربوية وتعليمية واضحة المعالم، بل هو سياسة فرضت على الوزارة كما فرضت على غيرها من الوزارات".
وحذر المحميد من سياسة التوطين العشوائي الهادفة إلى تقليل التذمر الشعبي، بغض النظر عن جودة العمل ومدى تحقيقه لأهدافه.
من جانبه أكد أمين سر جمعية المعلمين الكويتية سعد عقاب الجنفاوي لـ"مواطن"، في 14 أبريل 2023، ضرورة أن تأخذ وزارة التربية في الاعتبار جميع المعايير التي لا تضر بالعملية التعليمية، والحفاظ على الكفاءات وعدم الإخلال بسير العملية التربوية داخل البيئة المدرسية.
ورغم ترحيبها بإجراءات التكويت لأحقية أبناء البلد بالفرص الوظيفية، دعت ليلى الخياط، الأستاذة المشاركة في كلية التربية في جامعة الكويت، إلى التأكد من توافر العدد المطلوب قبل إنهاء خدمات المعلمين الوافدين، كما يجب إعطاؤهم مهلة وعلم مسبق بالقرار، حتى يتمكنوا من توفير وظائف بديلة لهم، إما في دولهم أو في دول أخرى.
استثناء معلمي الخليج
وبعد إعلان وزارة التربية الكويتية استغناءها عن عدد كبير من المعلمين الوافدين، قررت استثناء الخليجيين وأبناء الكويتيات من إجراءات الاستبعاد.
وأعلنت وزارة التربية الكويتية، في 18 مارس الماضي، استثناء أبناء الكويتيات والخليجيين المقيمين بصورة غير قانونية من خطة الإحلال التي تتبعها الوزارة تماشياً مع "تكويت" الوظائف بالوزارة.
ونقلت وكالة الأنباء الكويتية (كونا) عن المتحدث الرسمي باسم وزارة التربية الكويتية أحمد الوهيدة، في بيان صحفي، قوله إن وزير التربية شدد على ضرورة إعطاء أبناء الكويتيات الأولوية في التعيين بعد الكويتيين، واستثنائهم من أي قرارات إنهاء الخدمة.
وأضاف المسؤول الكويتي أن "الجهات المختصة في الوزارة حرصت حين تم اختيار أسماء المعلمين الوافدين المشمولين بخطة الإحلال ألا يكون بينهم أي معلم من الفئات المستثناة".
وطالبت الوزارة أي معلم من الفئات المستثناة ورد اسمه بقوائم الاستغناء بمراجعة الجهات المختصة ليتسنى لقطاع التعليم العام إلغاء أسمائهم من تلك الكشوف فوراً.
نقص تخصصي حاد
وأسهم قرار إنهاء خدمات مئات المعلمين الوافدين إلى إحداث نقص كبير في عديد من الاختصاصات التعليمية، خلال العام الدراسي المقبل.
وذكرت صحيفة القبس الكويتية، في 22 يناير 2023، أن وزارة التربية حددت احتياجاتها من المعلمين والمعلمات للعام الدراسي المقبل 2023 - 2024، وأعلنت فتح باب التعاقد المحلي لغير الكويتيين في عديد من التخصصات، لسد احتياجات مدارس التعليم العام.
وأكدت الوزارة أن أولوية التعيين بعد قبول جميع الكويتيين في التخصصات المطلوبة ستكون لأبناء الكويتيات وغير محددي الجنسية، ثم أبناء دول مجلس التعاون الخليجي، وأخيراً الوافدين.
ونقلت الصحيفة عن مصادر مطلعة تأكيدها حاجة الوزارة لنحو 700 معلم ومعلمة في 12 تخصصاً لسد النقص في المدارس الحكومية، حيث رفع قطاع التعليم العام احتياجاته إلى الشؤون الإدارية لبدء استقبال طلبات الراغبين بالعمل.
بدورها أشارت صحيفة الجريدة الكويتية، في 8 يناير 2023، إلى أن نسبة الكويتيين في قطاع التعليم وصلت إلى نحو 74%، إلا أن تحليل الأرقام يكشف عزوف الكويتيين عن كثير من التخصصات العلمية.
وبينت الصحيفة استناداً إلى بيانات الوزارة، أن عدد المعلمين الكويتيين ازداد خلال السنوات الست الماضية، حيث ازداد معلمو الفيزياء من معلم واحد إلى 11 معلماً من أصل 360، بنسبة 3.1%، ويوجد 26 معلم كيمياء كويتياً من أصل 403، بنسبة 6.5%، في حين بلغ عدد المعلمين الكويتيين في مادة اللغة الإنجليزية في كل المراحل 418 معلماً، من أصل 1898 معلماً بنسبة 22%.
وبحسب الصحيفة، فإن عدد معلمي مادة العلوم الكويتيين لا يتجاوز 145 معلما من أصل 932 معلماً بنسبة 15.6%، وبلغ عدد معلمي اللغة الفرنسية من الكويتيين 31 من أصل 227، بنسبة 13.7%، و229 معلم رياضيات كويتي من أصل 1951 بنسبة 11%، ولا يوجد سوى موظف مكتبات كويتي واحد فقط من أصل 22 وظيفة بالمرحلة الثانوية.
وتعزو الصحيفة هذا العزوف إلى توفر تخصصات أقل صعوبة، مع صرفها نفس الكوادر المالية، إذ يتساوى ما يصرفه معلمو مادتي التربية الإسلامية والفنية وغيرهما من المواد التي يوجد بها فائض، مع تلك التخصصات التي تعاني نقصاً كالفيزياء والكيمياء والرياضيات.
ونوهت إلى أنه ورغم محاولات تحفيز المعلمين الكويتيين في التخصصات ومنح كل منهم 200 دينار (653 دولاراً) "بدل تخصص نادر"، لا تزال هناك مشكلة في قلة عدد المتقدمين لشغل تلك التخصصات.
أهمية بالغة
ويقول مسعد الخالدي، مدير مركز كفايات للاستشارات التربوية والتدريب، إن خطة توطين المهن التعليمية تأتي ضمن سياسة الدولة، حيث صوت مجلس الأمة الكويتي عام 2011 على قانون كادر المعلمين الذي رفع رواتب المعلمين الكويتيين، فأصبحت مهنة التعليم جاذبة، مشيراً إلى أن الرواتب كانت قبل القانون مقبولة، لكن كثيراً من الكويتيين يعزفون عن المهنة.
ويرى "الخالدي" في حديثه مع "الخليج أونلاين" أن توطين مهنة المعلم له أهمية بالغة، إذ إن المعلم الكويتي أدرى في بيئة التعليم، "فيسهل التواصل بين الطلاب والمعلم؛ لكونه من نفس الثقافة والبيئة".
ويلفت إلى ملاحظة فرق في بعض الثقافات المجتمعية بين المعلم الوافد والطالب؛ مثل أسلوب ضرب الطلبة الذي تسمح به بعض دول المعلمين الوافدين بعكس الكويت التي تمنعه، وكذلك اختلاف اللهجات وبعض المفردات المستخدمة بين المعلم والطالب.
لكنه يستدرك بالقول: "دائماً نستذكر عطاء المعلمين الوافدين بنهضة التعليم في الكويت، وعلى رأسهم مصر والعراق وسوريا وفلسطين، الذين خرجوا أجيالاً، وما زلنا نستعين بخبراتهم".
ويعتقد المستشار التربوي أن توطين مهنة التعليم يسهم في تطور القطاع، لكن ذلك مرهون بشروط، لا سيما الاهتمام بالمعلم الكويتي من حيث تطوير برامج كليات التربية وإعداد المعلمين، وتطوير مهارات المعلم في الخدمة.
وحول الإجراءات المطلوبة للحفاظ على جودة التعليم الكويتي بعد تغييرات التوطين، يبين أنها تكمن في الاهتمام بالتنمية المهنية للكوادر التعليمية، كما يجب أن يكون المعلم على اطلاع ودراية دائمة لاكتساب المهارات اللازمة لمتابعة المستجدات التربوية.