ثقافة » تربية وتعليم

العنف المدرسي

في 2015/10/15

د. خالد حمد المهندي- الشرق القطرية-

يعتبر التلاميذ هم الفئة الاجتماعية التي ينعكس من خلالها ازدهار المجتمعات وتقدمها أو تخلفها وتراجعها، ولو أخذنا بعين الاعتبار أن أفراد هذه الفئة يبنون ذواتهم وخصائصهم الشخصية وأفكارهم ومعتقداتهم بناء على ما يدور حولهم، وما يحاول الكبار المحيطون بهم زراعته في تربتهم الخصبة المتعطشة للمعرفة من أفكار ومعتقدات، فالتلاميذ في المراحل المتقدمة من حياتهم يحاولون أن يستقلوا بأفكارهم عن الآخرين في محاولة لإظهار وتدعيم هويتهم المستقلة.

وكثيرا ما يتشاجر التلاميذ في المدرسة أو تقع بينهم اعتداءات مختلفة، سواء عند الخروج من صفوفهم الدراسية أو في وقت الحضور الصباحي إلى المدرسة أو أثناء مغادرتهم، أو خلال فترة الاستراحة بين الحصص، الأمر الذي قد يؤدي أحيانا إلى نتائج مؤذيه للتلاميذ على العديد من الأصعدة النفسية والبدنية، وهذا بدوره يؤثر على إحداث خلل في عملية نموهم في المجتمع ويساهم في خلق بعض الشخصيات التي تعاني من الاضطرابات النفسية، أو الخاضعة والمنقادة وغير القادرة على اتخاذ مواقف وقرارات إيجابية بناءة لمواجهة مشاكلها المختلفة، وبالتالي لا تتمكن من القيام بدورها المجتمعي بشكل جيد من خلال انخراطها في المؤسسات المجتمعية المختلفة بدءا من الأسرة كأهم مؤسسة مجتمعية، ويتبعها المعلم الذي تقع على كاهله مهمة تربية الأجيال عبر تطبيقه لمبادئ العملية التربوية واستكماله لعملية التنشئة الاجتماعية التي بدأت في الأسرة.

وخلاصة القول أن ظاهرة العنف بين التلاميذ في المدارس هي نتيجة لمجموعة من العوامل الداخلية والخارجية في حياة التلميذ، ولفهم هذه المشكلة وكيفية التعامل معها يجب علينا أولا أن نتعرف على مجموعة من العناصر المكونة لها، إذ ان حياة التلميذ في المدرسة قد سبقتها سنوات هي الأهم في تكوين شخصيته والتي كان لها الأثر الأكبر على حياته وتصرفاته داخل المدرسة بالإضافة إلى العوامل الخارجية المحيطة بها.

ومن الجلي أن ظاهرة العنف في المدارس ليست مقتصرة على شكلها النمطي بعنف المعلم تجاه التلاميذ ولكنها امتدت وتبدلت، ففي بعض الأحيان أصبحنا نجد أن صور العنف أخذت تتشكل باتجاهات مختلفة مثل عنف التلميذ تجاه زميله وعنفه تجاه المعلم وعنفه تجاه ممتلكات المدرسة.

وتعتبر ظاهرة العنف المدرسي من الموضوعات المهمة في الدراسات النفسية والاجتماعية لما لها من آثار هامة في حياة الأفراد والمجتمعات، نظرا لأن العنف بمثابة نزعة إنسانية فطرية تتحكم في الطبيعة البشرية واستدعت اهتمام التربويين.

ويرى الباحثون أن العنف يظهر عند هؤلاء الذين عاشوا وسط أجواء يسودها العنف، فالطفل الذي كان يرى والديه في خلاف وعراك دائمين يحاول تطبيق ما كان يراه في صغره عندما يكبر، إذ أن ما سكن في عقله الباطن أثناء مرحلة الطفولة يمارسه على شكل سلوكيات وأفعال في كبره.