ابن الديرة- الخليج الاماراتية-
انشغل مجتمعنا في خلال اليومين الماضيين بقضية المعلم الذي ضرب الطالب بعد أن تناقلت مواقع التواصل الاجتماعي فيديو قصيراً يجسد الواقعة، وحيث إن الواقعة تحت التحقيق بموجب قرار وزير التربية والتعليم، فسوف يتم هنا تناول تداعياتها من دون الدخول فيها أو تجريم أحد، لكن لا بد من وصف شعور الطالب المضروب من خلال مشاهدة المشهد المرئي. كان إحساسه بالقهر واضحاً وهائلاً، وكأنه يقول للمعلم: اسمعني.. حاورني.. لا تضربني!
طبعاً أسلوب الضرب في المدارس، وخارج المدارس، مرفوض، مهما كانت الأسباب. المعلم العاجز يلجأ إلى ضرب الطالب حين يعدم الوسائل الأخرى في التفاهم، والأمل أن ما شاهدناه، على هذا النطاق الواسع في الإمارات، يمثل حالة فردية لا يعول عليها أو يعتد بها.
ما نكاد ننتهي من التعبير عن أملنا ذاك، حتى نرى المديرة العامة (لست مع التذكير المطلق للمناصب) لمجلس أبوظبي للتعليم تبادر إلى إنهاء خدمة فني مختبر اعتدى بالضرب على طالب، وفي التفاصيل المنشورة على موقع المجلس أن إنهاء خدمة المذكور تم على سبيل الفور، من دون انتظار مدة انتظار تترتب على إشعار «التفنيش».
نتوقع أن تحقيقاً أجري، فكان التوصل إلى تلك النتيجة المؤلمة، فما الذي يرغم معلماً أو ملتحقاً بأي موقع في الميدان التربوي على التعدي بالضرب معرّضاً نفسه لعقوبة قد تصل إلى فقده وظيفته وتغيير حياته بالكامل؟
ودار نقاش مجتمعي تفاعلت معه قطاعات وفئات عريضة، خصوصاً عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتفاوتت أساليب المشاركين من حيث الجدية والتزام مبادئ الحوار، وأصاب البعض، ونزل البعض إلى حضيض يدخله في دائرة التعدي بالسب والقذف، فارتكب بذلك خطأ يفوق الخطأ المفترض في القضية التي يدافع عنها.
نعم واقعة الضرب وعرفناها مكرورة في خلال يومين، فاجأتنا، والسبب بسيط، في غاية البساطة: هذه هي دولة الإمارات 2015، فهل يبني جيل المستقبل معلم بهذا السلوك، وهل يستطيع، هو وأمثاله، تطبيق مشروع تطوير أو تغيير التعليم؟ هل نسمح بأن يتحول طفل، مهما أخطأ، إلى إنسان مقهور.
ولا تعميم. نفترض أن هذه حالات شاذة في مجتمعنا، ولا نعرف هل نجرم أو نشكر من قام بالتصوير.. ترى هل كنّا نصدق الطفل أو مجموع الأطفال لو لم نرَ الوقائع بأم أعيننا.
نعرف أن التصوير غير النشر، ونعرف في الوقت نفسه أننا نعيش أوج العصر الرقمي. على جيلنا بالذات أن يعرف ويعترف ويقتنع ولا يفغر فاه كالأبله كلما صادف شيئاً جديداً عبر «التواصل الاجتماعي».
لا تعميم، فنحن بخير، ومعلمونا بخير، والكثيرون قالوا ووضعوا النقاط على الحروف. وحدها جمعية المعلمين التي غابت. لماذا تهمش نفسها إلى هذا الحد؟ وهل تنتظر من المؤسسة التعليمية أو المجتمع اعتبارها في الواقع وهي تغيب عنه، أو على الأقل، تضع على رأسها طاقية الإخفاء؟