ثقافة » تربية وتعليم

كي لا يملها الأبناء سريعاً

في 2015/10/27

مارلين سلوم- الخليج الاماراتية-

ما زالت في غرفة الإنعاش منذ سنوات. نحاول مداواتها بشتى أنواع الوسائل العلاجية، لكنها تئن عاجزة عن استعادة تألقها وجمالها وشبابها.

لغتنا العربية لم تعد تعاني إهمال أهلها لها، فالمؤتمرات والندوات والمسابقات تنشط من أجل «تجميلها» والارتقاء بها في المجتمعات العربية، وتقريب المسافة بينها وبين الأجيال الجديدة. والمشكلة اليوم لم تعد أزمة إهمال للعربية في المدارس، بل أسلوب تقديمها إلى الأطفال والشباب. كيف يتعلمون لغتهم؟ ما المغريات التي تقدم لهم كي يتمكنوا من تفضيلها على اللغة الأجنبية «السريعة» الوصول إلى آذانهم، وسهلة التطبيق في أنشطتهم المدرسية؟

مبادرات كثيرة تحاول حث أولياء الأمور والمدارس والجامعات على تقريب المسافات بين الطلاب ولغتهم الأم. وفي شهر مارس/ آذار المقبل سنشهد مؤتمراً حول تدريس اللغة العربية في مؤسسات التعليم العالي تنظمه جامعة زايد، والهدف منه تبادل الخبرات بين مؤسسات التعليم العالي في العالم العربي من أجل تطوير أساليب تدريس هذه اللغة في الجامعات. مبادرة طيبة وإيجابية تلفت الأنظار إلى ضرورة العمل من قبل الأكاديميين من أجل رفع مستوى اللغة العربية في الجامعات، واستخدامها في مجالات الإبداع والتطوير.

محزن أننا ما زلنا نبحث عن سبل لإنقاذ اللغة العربية، في وقت يتقدم فيه طلابنا في مجالات الابتكار والإبداع. ومؤسف أن يصل بنا الحال إلى البحث عن وسائل لإنقاذ اللغة من الغرق، واستعادة ما فات وما مات منها. نريدها أن تنهض، بينما خطط تطوير أساليب تدريسها في المدارس مازالت تنهل من المناهج القديمة وطرق التعليم البالية. البعض يجتهد للتطوير، لكنه يقف عند حدود الأساليب التقليدية، في حين نحتاج إلى تقريب هذه المادة من أذهان الصغار الذين يملون منها سريعاً بسبب مغريات اللغات الأجنبية وسرعة التقاطهم لها. يسهل عليهم إجراء حوار ونقاش في الصف بلغة أجنبية، ويصعب عليهم إتقان الفصحى في جملتين مفيدتين.

ليس علينا أن نلوم الأطفال ومغريات اللغات الأجنبية، والأجدى أن ننظر إلى أسلوب تعليم الطلاب لغتهم الأم. فنحن ننشغل بالأخطاء التي يقترفونها وبالقواعد وتصويب الكتابة الإملائية والصرف والنحو واللفيف المقرون والمفروق والفعل الأجوف والمعتل والصحيح.. ويغيب عنا أن أسلوب إيصال هذه المواد الصعبة إليهم يحتاج إلى تطوير وتطويع كي لا يملوها سريعاً، وكي لا تحصل مقارنة في أذهانهم بينها وبين أي لغة أخرى.

نحتاج إلى مؤتمرات ونتائج عملية يبدأ تطبيقها فعلياً، ونلمس إيجابياتها في المدارس والجامعات. فلقاءات أهل الفكر والعلم من مختلف الدول العربية، في مؤتمرات وندوات، لا يجب أن تكون مجرد «احتفاليات» وجلسات حوار، وكلمات أكاديمية يكتبها متخصصون ليقولوا فيها آراءهم أو يثبتوا قدراتهم، بل عليها أن تكون بداية فتح ملف لا يُغلق إلا بعد إتمام كل ما ورد فيه من توصيات وتوجيهات ونقاط وملحوظات.