الشبيبة العمانية-
في الوقت الذي نسعى إلى تطوير القدرات الوطنية في مجالات مختلفة باعتبار أن التعليم هو الأساس لبناء الدول، وانطلاقا من أهمية إكمال الطالب تعليم الدبلوم الثانوي، نجد للأسف بعض الجهات تعلن عن وظائف لمن هم في مقاعد الدراسة أي في الصف التاسع وما فوق، مما يؤدي إلى نزوح الطلاب من المدارس لينضموا إلى هذه الوظائف، وينشغلون بطلب الوظائف أكثر من اهتمامهم بمواصلة التعليم، بل ويدع هذا الأمر المجال سواء للطلاب بأن يتركوا الدراسة بحثا عن عمل وأحيانا بمساندة أهاليهم، مما يجعل هذه الجهات تتعقل في إعلاناتها وطلباتها، وتكف عن مثل هذه الممارسات التي تربك الطلاب وأسرهم والمجتمع في توجيه الطلبة إلى الوظائف أكثر من توجيههم للتعلم.
فبلا شك إن بعض الممارسات غير مفهومة الأهداف من بعض الجهات المسؤولة في الدولة والتي تتمثل في دعوة من هم أقل من الدبلوم للانخراط في مجالات العمل تتجاوز سن العمل المحددة في القوانين والتشريعات الوطنية والدولية وهي 18 عاما محيرة فعلا، فيحز في النفس أن نرى مثل هذه الأخطاء ترتكب على من هم بحاجة إلى المزيد من التعليم في مثل هذا الوقت الذي تتزايد أهمية مواصلة التعلم إلى ما بعد الجامعي والانخراط في التدريب والتأهيل لصقل المهارات ومواكبة متطلبات العمل ومقتضيات العصر، غير أن هذه الجهات تسير في الاتجاه المعاكس.
ولا نعرف أي هذه الوظائف التي تحتاج إلى أطفال في أعمار الزهور؟ يفترض أن نحرص على أن يكملوا تعليمهم أكثر من مداعبتهم بوظائف بسيطة تنسف أحلامهم بأن يكونوا أطباء ومهندسين وطيارين وغير ذلك، في حين يظلون في هذه الوظائف مدى الحياة "مكانك سر" بدون تطور، لأنهم لا يحملون مؤهلات علمية، وحكم عليهم بأن يظلوا كذلك في وظائف بسيطة.
إن هذه الممارسات من شأنها أن تربك الكثير من الطلاب في عدم التركيز على الدراسة وطلب العلم، أكثر من البحث عن الوظائف، فتجد التسرب المبكر من مراحل التعليم يزداد، وينمو الفاقد في العملية التعليمية وتستنزف موارد الدولة بدون عوائد مناسبة بارتكاب هذه الأخطاء في إرباك العملية التعليمية وتحييدها عن أهدافها.
إن من الأهمية أن تصدر تشريعات لا تتيح العمل لأي كان في أجهزة الدولة والقطاع الخاص وكل الأعمال، إلا بعد إكمال الدبلوم الثانوي أو ما يعادله، لأن متطلبات الحياة اليوم تحتاج إلى مستويات تعليمية ومهارات حياتية قادرة على مواكبة أنماط الحياة العصرية ومستلزماتها.
إن العديد من الدول المتقدمة تفرض عقوبات رادعة على أهالي المتسربين من التعليم وتحاكم الآباء على عدم انتظام الأبناء في مقاعد الدراسة ويُقبض على الأطفال في الأسواق والشوارع في أوقات الدراسة، وتفرض عليهم إتمام مراحل دراسية معينة كأقل مستوى علمي، لإدراكها ماهية التعليم وأهميته.
بالطبع نتفق على أن بعض الجهات تحتاج إلى خامات صغيرة لكي تشكلها وفق مرئياتها وطبيعة العمل لديها، لكن يمكن لهذه الجهات أن توظف مخرجات الدبلوم العام كمرحلة دراسية درس فيها الطالب 12 عاما لتغطية احتياجاتها، فليس هناك فارق عمري بين من أكملوا الصف الثاني عشر ومن هم أقل منهم عمرا وجسدا فلم نثير الفوضى بين الطلاب ونوجههم للعمل في هذه المراحل العمرية الغضة.
نأمل الكف عن تشغيل هذه الفئة التي يجب أن تكون في مقاعد الدراسة، وعدم التفكير حتى في مثل هذه الممارسات التي تكون تأثيراتها السلبية أكثر من إيجابياتها إن وجدت.