ثقافة » تربية وتعليم

«المدارس المجتمعية» نهجٌ ضد الانغلاق

في 2015/11/07

الامارات اليوم-

أن يكون المجتمع المدرسي منفتحاً على المجتمع الكبير المحيط به، فهذا مطلب طبيعي، بل هو الطبيعة الصرفة، أما أن يكون منغلقاً لا يأخذ ولا يعطي مع أحد فهنا الشذوذ الذي يحتم قلق المجتمع وخوفه، ويبني الشك بين أسر الطلاب والمدرسة، ويعمق المشكلات.

مجلس أبوظبي للتعليم وضع فكر «الانغلاق» في تابوت محكم الإغلاق ورمى به في غياهب الزمن الماضي، وكلنا أمل ألا ينفتح ذلك التابوت مجدداً مهما تغيرت إدارات مجلس أبوظبي للتعليم مستقبلاً.

المجلس بإعلانه إطلاق مشروع «المدارس المجتمعية» قدم نموذجاً متفرداً لما يجب أن تكون عليه المدرسة، فهذا المشروع المبتكر يحطم كل صورة سابقة للعلاقة بين المدرسة والمجتمع المحيط، فقد ولى زمان جهل ولي الأمر بما يدور بين جدران المدرسة، وبما تحتويه المدرسة من مرافق، وبما تنفذه المدرسة من أنشطة.

ولى الزمان الذي توضع فيه السلاسل والأقفال على أبواب المدرسة بعد انتهاء الحصص الدراسية، وبزغ فجر جديد لدور المدرسة حتى بعد ساعات الدراسة، لتبني بينها وبين الطالب وأسرته الألفة الطبيعية التي يحس الطالب والمجتمع من خلالها بأن العلم مرتكز للحياة، وليس مجرد محطة إجبارية في وقت محدد من اليوم.

وكما قالت معالي أمل القبيسي، مدير عام مجلس أبوظبي للتعليم، عند إعلانها عن توسعة مشروع المدارس المجتمعية لتكون 15 مدرسة، موزعة على مناطق إمارة أبوظبي المختلفة، فإن «التعليم جزء لا يتجزأ من المجتمع، ولذلك يجب أن تكون المدارس منارة للثقافة والعلم والخدمات المجتمعية، وإن حرص المجلس على توطيد قيم التلاحم المجتمعي، جعله يمضي في هذا المشروع لتكون المدرسة ملتقى للأسرة لمزاولة الأنشطة المجتمعية والترفيهية والثقافية والتعليمية طوال اليوم، بهدف إعداد جيل متمكن وشغوف بالعلم».

إذا أطلقنا التفكير قليلاً حول هذه الفكرة وما ستجلبه من نتائج، فإننا سنجد الأسرة ستستطيع، من خلال هذا المشروع، التخلص من الكثير من العادات السلبية التي نشأت مع الوقت، بسبب الجدول الدراسي للطالب، ووجوب اهتمامه بدروسه بعد المدرسة، بالإضافة إلى رغبة الأهل في الترويح عن أطفالهم بعد الدراسة، ورغبتهم كذلك في ألا يكون ترفيه الأبناء على حساب دروسهم، فعندما تُفتح كل مرافق المدرسة أمام الأسرة والأبناء بعد اليوم الدراسي، سيكون بإمكان الطالب مراجعة دروسه مع أقرانه بالاستفادة من كل الوسائل التعليمية المتاحة في المدرسة، وبإمكانه أن يلعب مع أقرانه ويمارس معهم أنشطة مفيدة بوجود عائلته في بيئة آمنة ومتكاملة تغني عن التجول في المولات أو التعرض للمخاطر عند اللعب في الطرقات، وقد أصدر مجلس أبوظبي للتعليم دليلاً إرشادياً يقدم شرحاً متكاملاً للأسرة لكيفية الاستفادة من هذا المشروع المبدع.

المجلس أبهرنا بهذا المشروع، وأبهرنا أكثر بموافقته على إدراج لعبة الشطرنج ضمن الأنشطة الطلابية في «المدارس المجتمعية»، الأمر الذي يؤكد الرغبة الصادقة في التخلص من فكر «الانغلاق» الذي يسهم في تجميد التفكير الإبداعي لدى الطلاب، ولعبة الشطرنج، كما يعرف الجميع، هي لعبة ذكاء تسهم في تحفيز تفكير اللاعب وقدرته على التخطيط وإيجاد الحلول، وهي مهارات نريد أن يتسلح بها أبناؤنا مع العلم الذي يكتسبونه على مقاعد الدراسة، للمساهمة في تنشئة جيل يتمتع بكل متطلبات القيادة والإبداع.

حري بنا مهما كانت مواقعنا كمسؤولين أو أفراد في المجتمع، أو حتى الأسر، أن نتفاعل مع هذا الانفتاح من جانب المؤسسة التعليمية، وأن ندعم هذه الجهود ونُظهِر الصورة الحقيقية لمدى فعاليتها ونجاحها، من خلال استفادتنا منها، وحث أبنائنا على ذلك حتى لا تضيع الجهود الوطنية هدراً، وحتى لا يكون انغلاقنا نحن وتقاعسنا عن الاستفادة من مثل هذه المشروعات الوطنية سبباً في تراجع نسبة نجاحها.