ثقافة » تربية وتعليم

ما أسهل التوصيف

في 2015/12/09

خيري منصور- الخليج الاماراتية-

لو أن من لا يكلون من الدعوة إلى تجفيف مصادر الإرهاب ومن ثم مستنقعاته يقولون لنا ولو لمرة واحدة كيف يمكن صرف هذه الوصفة ميدانياً؟

ولو أن من يقفزون من فضائية إلى أخرى برشاقة نورس يقولون لنا كيف يمكن لمناهج التعليم التي يحملونها شيئاً من العبء أن يعاد إنتاجها مصفّاة من الشوائب؟

سهل علينا جميعاً أن نصف أي مشهد، وسهل علينا تقديم المواعظ، لكن الصعب على ما يبدو هو الخروج عن هذا النطاق الذي يعج بالتعميم والتعويم معاً، وينقله الناس عن بعضهم على طريقة ما كان يسميه أجدادنا من أهل البلاغة وقع الحافر على الحافر! وهناك حكمة قديمة تقول إن بناء العتبة لا يعني بناء بيت نسكن فيه وإنه ما من باب يقف وحده بلا جدار في العراء.

لكن ما يحدث على مدار الساعة هو شيء كهذا، ومن حسن حظ من يتحدثون عن هذه القضايا الإشكالية أن الوقت الذي يخصص لهم محدود، مما يقدم لهم الذريعة بأنهم كانوا سيكملون ما بدأوا به لأن جملتهم مبتدأ بلا خبر.

والأرجح أن عدوى الأطعمة الجاهزة والسريعة وكذلك العلاقات العابرة في عصرنا بلغت العقل، فأصبح الناس يضجرون من أي تحليل معمق، لهذا تتكرر جملة تقليدية حتى في حواراتنا اليومية هي.. ابدأ من الآخر.

وما يتعلق بظواهر بالغة التعقيد وذات عمر طويل في التاريخ كثقافة العنف ونزعة العدوان، وأنماط التعليم والتربويات السائدة لا يليق به مثل هذا التعامل الاختزالي بل السطحي لأن هذه الظواهر مرتبطة بتكوينات نفسية واجتماعية، وما نراه منها أشبه بالبثور التي تظهر على سطح الجلد والتي لا يمكن علاجها بمعزل عن الدم وعن الداء الكامن الذي أفرزها.

والعجز الذي اعترفت به حتى أكثر الدول تقدماً في معالجة أمراض فقدان المناعة الجسدية يقابله عجز أكبر وأخطر هو فقدان المناعة النفسية والأخلاقية.

ولأن فاقد الشيء لا يعطيه، فإن من أنتجت ثقافتهم وصناعتهم وإعلاناتهم السعار الاستهلاكي ليسوا مؤهلين لتقديم وصفات ناجعة للعلاج اللهم إلا إذا صدقنا بأنهم يعالجونها بالتي كانت هي الداء، أو أن من يفرغ السموم في الآخرين يذوقها قبلهم.