الحياة السعودية-
أعاد إعفاء وزير التعليم الدكتور عزام الدخيل من منصبه، «جذوة السجال» الذي يقترب من «الصراع» أحياناً، بين شرائح من المحافظين وأضدادهم، ممن يرون رحيله «خسارة» أو «مكسباً». ومع أن صانع القرار أبقى على الوزير «المحبوب» - كما وصفه المؤيدون له - مقرباً ومستشاراً بالمرتبة نفسها، إلا أنهم أبدوا حزناً على تركه المنصب، وحديثاً حافلاً عن محاسنه ومواقفه، حتى اعتبر الفقيه المثير للجدل محمد النجيمي، ذلك التفاعل مع إعفاء الدخيل «من دلائل حب الله له»!
وورث وزير التعليم السابق وزارتان، هما «التعليم العالي»، و«التربية والتعليم»، فكان أول وزير بعد دمجهما في وزارة واحدة، هي «التعليم»، لكنه في الوقت نفسه ورث مع الوزارتين تاريخاً من الجدل والسجال الحاد، الذي اعتاد فريقان من «المحافظين» و«الحداثيين» على إحاطة المؤسسة العلمية به.
وبدأ ذلك النقاش في وقت باكر من تاريخ الدولة السعودية الحالية، عندما ساد اعتراض كبير لتعليم البنات في البلاد قبل أن يفرض بقوة السلطة، ثم جاءت قضايا مثل المناهج، واختطاف التعليم، ودمج تعليم البنات بالبنين، إلى جدل الابتعاث، والتوسع في تدريس القرآن الكريم، ثم أخيراً سحب «كتب الإخوان المسلمين» من مكتبات المدارس.
ما كان لافتاً في نظر المتابعين للسجال الذي أعقب إعفاء الدخيل من منصبه، أن الأخير كان محسوباً على التيار الإعلامي الذي يلقى سخطاً من المحافظين، إلا أنه استحوذ سريعاً على مشاعر التيار الديني، عبر خطوات عدة، وصفت من جانب التيار المضاد بـ«الشعاراتية» و«الاستعراضية».
لكن ترحيب المحسوبين على «الليبراليين» بإعفاء الدخيل وتعيين خلفه الدكتور أحمد العيسى، زاد السجال سخونة، ما أعاد إلى الأذهان عهد وزير المعارف الأسبق محمد الرشيد -رحمه الله- الذي حضر هو الآخر في نقاش الفريقين. واعتبروا العيسى بوسعه أن يقود «التعليم» بفلسفته ويسير على خطاه، التي قاوم فيها مطالب التيار «المحافظ»، وقاد فيها التعليم نحو «التحديث».
غير أن متابعين للنقاش، حاولوا أن يبدوا أكثر موضوعية، إذ قال أحدهم: «الحملة ضد الوزير الجديد، والثناء المبالغ فيه على الوزير القديم، يؤكد أن الحكم لدى الحركيين لا يقوم على أساس مبدئي». ومثلما اعتاد التياران، حاول المناوئون لفكر الوزير الجديد، التشكيك باكراً في نهجه، ولم ينسوا تتبع كتبه وتغريداته قبل تعيينه، خصوصاً لقاءه بالصحافي الأميركي توماس فريدمان، الذي زار المملكة قبل أسابيع، ونقاشه إياه حول «التعليم» في السعودية، وأجاب عن تساؤلاته حول ما إذا كان ذلك التعليم قادراً على «تطوير اتجاهات إيجابية لدى الشباب للتعايش مع الثقافات الأخرى». ما دفع أحد المعلقين إلى القول: «بدأت الحرب القذرة على الوزير الجديد قبل أن يجلس على كرسيه».
يقابل ذلك ما يشبه «الشماتة» من جانب فريق ليس راضياً عن تاريخ الوزير الدخيل، رأوا أن مغازلته التيار الديني لم تسهل مهمته كما أراد، «ذلك أن صانع القرار يريد تطوير التعليم، وليس يعنيه استمالة هذا الفريق أو ذاك»، بحسب قولهم.