ثقافة » تربية وتعليم

ترشيد الميزانية بتقليص البعثات

في 2016/02/04

د. حسن عبدالله عباس- الراي الكويتية-

ما من شك أن الميزانية العامة للدولة تُعاني من عجز حاد بسبب تدهور أسعار النفط. لكن هل تقليص العجز يكون على حساب إيقاف بعثات الماجستير والدكتوراة؟!
الحالة الاقتصادية المُزرية التي تمر بها ميزانية الدولة لها أسباب متنوعة ومتعددة. فمن أسبابها الإسراف والبذخ الموجود لدى القيادات في الدولة، ومن أسبابها وضع اليد على الأموال العامة للدولة (آخر الأخبار مبلغ 10 ملايين دينار ذهبت من غير حق إلى موظفين في وزارات الدولة)، وأيضا من أسبابها الاختلاسات والسرقات العامة كالديزل وأملاك الدولة وغيرها من القصص المُعلنة أو المستورة والتي لم نعلم بها ولم نكتشفها إلى الآن، ومنها أخطاء إدارية وقانونية كالمتجنسين غدراً وبالرشاوى، ومنها الأخطاء المهنية لبعض الجهات التخصصية كـ«الداو» و«الزور»، ومنها العلاوات والزيادات غير المدروسة والتي انتشرت بصورة مزعجة في السنوات الأخيرة، ومنها سياسات الدولة التي جعلت من الكويت مجتمعاً استهلاكياً وريعياً وبعيداً عن روحية الإنتاج والعطاء.

كل هذه الأسباب وغيرها من الاخطاء يمكن اعتبارها أبواباً مختلفة لاستنزاف واستهلاك الميزانية، وفضلاً عن ذلك تأتي الدعوم الحكومية وعلى رأسها العلاج بالخارج والطاقة وخلافه لتزيد من انهيار الميزانية.

طيب هذه كلها أبواب استنزفت الميزانية بشكل عشوائي وفاضح، ومن ثم يجب إيقاف كل هذا الهدر من خلال دراسات وأبحاث موزونة وعقول نيرة تتيح وتسمح للمجتمع أن يعيد النظر في تصرفاته وترشده إلى طريق النجاة، فهل يُعقل أن تكون أولى أبواب الترشيد وأحد سُبل النجاة إيقاف البعثات في الماجستير والدكتوراة؟ فما هذه الميزانية المرهقة للدولة، وكم عدد من تبعث بهم الدولة لنيل تلك الدرجات؟ وهل تقليص حجم المبتعثين سينقذ اقتصاد الكويت؟

عندما تسمع أن الترشيد شمل الماجستير والدكتوراة تعلم أننا مُقدمون على كوارث لا فقط عجز في الميزانية. فعلى من سنتّكل إن كان المتخصصون الشباب هم من يدفع ثمن انهيار الاقتصاد بسبب قلة من الحرامية والمرتشين وبعض التجار؟!

المفترض أن تعتمد الكويت على الشباب وعلى عقول أبنائها الخُلّص كي تمشي بثبات نحو إنقاذ المجتمع من الاعتماد على النفط ومحاربة الفساد بتبنيهم لخطط إنقاذية شبيهة بخطط مارشال ودبي وغيرها. لكن حينما ترى هذا الشكل من السياسات، تُدرك حتماً أن طائرتنا بدت تهوي للأرض والركاب لم يطلعوا على إجراءات السلامة والأمن ولا توجد معهم باراشوتات!