كما يعلم الجميع بأن ثقافة حقوق الإنسان أصبحت مطلبا ملحا للكثير من المجتمعات العربية والدولية كذلك، نظرا لما يشهده هذا الجانب من تطور متسارع في إصدار القوانين والمعاهدات المتعلقة بحقوق الإنسان وأهمية مواءمة الاتفاقيات الدولية بالقوانين المتعلقة بحقوق الإنسان، وكذلك تأتي أهمية هذا الجانب من خلال التوصيات المستمرة من مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة للدول الأعضاء بأهمية الانضمام إلى الاتفاقيات ذات الصلة وتوعية المجتمع بمبادئ حقوق الإنسان.
ولا تتأتى هذه التوعية في مجتمعاتنا المحلية إلا بترسيخ مبادئ حقوق الإنسان في مناهجنا الدراسية لمختلف الفئات العمرية، وأصبح من المهم جدا إعطاء الطلاب في مختلف مراحل الدراسة معلومات أساسية عن الاتفاقيات الدولية المعنية بحقوق الإنسان وآلية متابعتها، ولا يقتصر الأمر عند هذا الحد، بل من الممكن الذهاب إلى أبعد من ذلك من خلال تعليم الطالب كيفية إنزال اتفاقية معينة على أرض الواقع ومتابعة التقدم المحرز لهذه الاتفاقية وكيفية تطبيق موادها لتتواءم مع الأجهزة التنفيذية للدولة المشرفة على هذا الجانب.
ومن المهم أيضا تبصير هؤلاء الطلبة حول الآلية المتبعة لكتابة التقارير الدورية الدولية المعنية بحقوق الإنسان، ويعتبر هذا الإجراء مطلبا أساسيا لمؤسسات المجتمع المدني في متابعة تقارير الدولة الطرف في اتفاقية ما وكتابة تقرير ظل مواز لتقرير الدولة، وقد يأتي هذا التقرير إما مكملاً لتقرير الدولة أو شارحا له.
هناك أساليب عدة من الممكن تنفيذ تدريس حقوق الإنسان بها، نذكر منها:-
دمج تعليم حقوق الإنسان في التشريعات الوطنية المنظّمة للتعليم في المدارس، وتنقيح المناهج الدراسية وإضافة بعض مواد الحقوق لبعض الاتفاقيات كدروس ومواضيع في هذه المناهج، وتدريب المدرسين قبل الخدمة وأثناء الخدمة بما يشمل التدريب بشأن حقوق الإنسان وبشأن منهجيات تعليم حقوق الإنسان، وتنظيم أنشطة خارج إطار المناهج الدراسية، منها ما يرتكز على المدارس ومنها ما يمتد ليصل إلى الأسرة والمجتمع المحلي المعنية بحقوق الإنسان.
وتطوير المواد التعليمية بما يتماشى مع مبادئ حقوق الإنسان.
فيما يلي تصور مبدئي لمنهج تدريسي لمفاهيم حقوق الإنسان:-
الفصل الأول: المواطنة (أولا: الوطن، ثانيا: المواطنة، ثالثا: المواطنة عبر التاريخ، رابعا: المواطنة في النظام الأساسي للدولة، خامسا: قيم المواطنة ومنها: المسؤولية – التسامح – الحرية – المساواة – المشاركة المجتمعية – الوحدة الوطنية).
الفصل الثاني: النظام الأساسي للدولة (أولا: الدولة ونظام الحكم، ثانيا: المبادئ الموجهة لسياسة الدولة، ثالثا: الحقوق والواجبات العامة)
الفصل الثالث: مفاهيم حقوق الإنسان (حقوق الإنسان، الإعلان، الاتفاقية، البروتوكول، التحفظ).
الفصل الرابع: الاتفاقيات الدولية المعنية بحقوق الإنسان (اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز العنصري، العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة، لجنة مناهضة التعذيب، اللجنة المعنية بحقوق الطفل، لجنة حقوق العمال المهاجرين، اللجنة المعنية بالاختفاء القسري، اللجنة المعنية بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة).
حيث يشتمل النظام الأساسي للدولة الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (101/96) على العديد من الجوانب التي تتعلق بحقوق الإنسان، ونصّ في بابيه الثاني والثالث على المبادئ الموجهة لسياسة الدولة، وحقوق الإنسان وحرياته الأساسية وواجباته، استنادا إلى قيم الحرية والمساواة وعدم التمييز لأي سبب كان، وبيّن أنواعها المُختلفة والمُتعلقة بالحقوق المدنية والسياسية، والمتمثلة في الحق في الحياة والسلامة الجسدية، والحق في المُحاكمة العادلة والحق في حُرية الرأي والتعبير والاجتماع وحُرية أداء الشعائر الدينية، والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية المُتمثلة في الحق في العمل ومُمارسة الأنشطة الاقتصادية والتجارية، وكذلك الحق في تكوين الجمعيات، كما كفلت القوانين والتشريعات العُمانية الأُخرى جوانب حماية حقوق الإنسان كقانون الجزاء العُماني وقانون الإجراءات الجزائية وقانون العمل، بالإضافة إلى العديد من الاتفاقيات والمُعاهدات الدولية ذات الصلة والتي انضمت إليها السلطنة وصادقت عليها.
ومن الممكن توظيف كل ما ذكر في قالب بسيط يتلاءم مع استيعاب طلاب المدارس حسب الفئات العمرية ويتنوع هذا التوظيف من رسومات وأفلام كرتونية وقصص توضيحية وأبحاث ودراسات وإدماج هذه المواضيع في بعض المناهج الدراسية وغيرها من الأساليب التي من الممكن استخدامها في تسهيل عملية تدريس حقوق الإنسان لطلاب المدارس في السلطنة.
أحمد بن ناصر الراشدي- عمان اليوم-