فلاح ربيع- البيت الخليجي-
أثارت عبارة حول علامات البلوغ ضمن كتاب التربية الإسلامية الدراسي في دولة قطر جدلاً واسعاً في مواقع التواصل الاجتماعي. تضمنت العبارة أن “الاحتلام أمر طبيعي، يحدث للولد إذا كبر ويكون أثناء نومه، فيرى وكأنه يفعل فعل الأزواج ثم ينزل منه المني ويشعر باللذة”، وهو ما أثار حالة من النقاش والجدل.
وبالنظر إلى غايات التربية وأهدافها على وجه العموم، نجد أن غالبية الدول تسعى إلى تحقيق هدف بعيد المدى هو تخريج أجيال صالحة تؤدي إلى خلق مجتمعات صالحة، ولا يكون ذلك إلا من خلال أهداف عامة وخاصة تركز في الغالب على بناء المعارف والمهارات وتطويرها، وبناء القيم والاتجاهات الايجابية وخاصة الوطنية والأخلاقية، فهل يتعارض ذلك مع وجود التوعية بالجوانب الجنسية ضمن المقررات الدراسية؟
من هنا تأتي أهمية الحديث عن إعداد المناهج أو المقررات الدراسية وتقويمها لتجنب خروجها عن سياق غايات التربية وأهدافها. تشمل المناهج الدراسية والتعليمية – دون الخوض في التعريفات الإصطلاحية – المواد الدراسية أو المقررات أو المعلومات والحقائق والمفاهيم التي تعتمدها المدرسة لإكسابها للتلاميذ، وبصورة أخرى يشير المفهوم الواسع للمنهج إلى أن المنهج هو مجموع الخبرات التربوية التي تهيؤها المدرسة للتلاميذ بقصد مساعدتهم على النمو الشامل، أي النمو في جميع الجوانب (العقلية والثقافية والاجتماعية والجسمية والنفسية والفنية) نمواً يؤدي إلى تعديل سلوكهم ويعمل على تحقيق الغايات والأهداف التربوية المنشودة. ولتحقيق ذلك لابد أن يحتوي المقرر أو المنهج الدراسي على: أهداف، ومحتوى، وأنشطة تعليمية، ووسائل تعليمية، فضلاً عن أساليب التقويم.
كذلك ما يتعلق باختيار المحتوى، ينبغي أن يكون ذلك وفق معايير. مثل: مدى ارتباط المحتوى بالأهداف، وصدق المحتوى، ومدى مراعاة حاجات التلاميذ واهتماماتهم، ومراعاة الفروق الفردية بين التلاميذ، ومراعاة المحتوى لقابلية التلاميذ وقدراتهم؛ لذا ينبغي أن يخضع محتوى أي مقرر دراسي من تحقق هذه المعايير في عملية الاختيار من عدمه. كذلك، فيما يخص الأنشطة والوسائل التعليمية، ينبغي عند إعدادها أو اختيارها أن تخضع لمعايير دقيقة، ومن بين التساؤلات التي يمكن في ضوئها تقويم الأنشطة والوسائل التعليمية ما يلي:
وبصورة أخرى يمكن التساؤل ما أذا حققت الوسيلة أو النشاط الهدف من الدرس في سياق الأهداف العامة وغايات التربية.
ولو افترضنا أن هذا المقرر أو الكتاب الدراسي مر بالمراحل التنفيذية التي تمت الإشارة لها خاصة تجريبه على مراحل قبل تعميمه، مع مراعاة تقويم كل ما فيه من محتويات وأنشطة في كل مرحلة من هذه المراحل؛ لكان بالإمكان تفادي هذا الجدل بتعديل ما يلزم قبل عملية التعميم.
ختاماً يمكن القول إن المتابعين للحادثة وخاصة المثقفين والتربويين قد مارسوا عملية تقييم وتقويم من خلال عرض آراءهم فيها بالقول – مما رصدناه – أنها “ألفاظ غير مناسبة لثقافة وطبيعة المجتمع القطري”، مطالبين بالعمل على “تبديل هذه الكلمات بأخرى لا تخدش الحياء العام”، وليس حذفها بالكامل، ما يعني شعورهم بأهمية تثقيف التلاميذ وتعليمهم بعض الجوانب الجنسية والتغيرات الفسيولوجية لدى المراهق، والتي تأتي في سياق غايات التربية وأهدافها بشكل واضح وهام.