يوسف حمود - الخليج أونلاين-
انتهجت الإمارات مؤخراً خطوات جديدة نحو إدخال تعديلات وإضافات إلى التعليم في البلاد، بما يتناسب مع علاقاتها الجديدة مع الاحتلال الإسرائيلي، وصولاً إلى إبرام اتفاقيات مع الفاتيكان لتعزيز التعاون التعليمي في المشاريع البحثية، والحلقات النقاشية.
هذا الانخراط الإماراتي المتزايد تجاه عملية التطبيع والانفتاح على الديانات الأخرى، لم يلقَ أية معارضة داخل البلاد باستثناء محدود، بعد انتقاد الشيخة جواهر القاسمي زوجة حاكم الشارقة الشيخ سلطان القاسمي، بحث بلادها مع الجانب الإسرائيلي التعاون في عدة مجالات.
ولا تنكر دولة الاحتلال أن معركتها مع الشعوب معركة وعي لا معركة سلاح فقط، وأن المشكلة مع الشعوب لا مع الأنظمة، وهذا ما يطرح تساؤلات عن كيفية تأثير الاتفاقيات مع إسرائيل والفاتيكان على التعليم في الإمارات.
اتفاقيات جديدة
وقَّع وزير التعليم الإماراتي حسين بن إبراهيم الحمادي، ونظيرته الإسرائيلية يفعات شاشا بيتون، في 18 نوفمبر، مذكرة تفاهم لتعزيز التعاون في مجال التعليم العام والعالي والتقني والمهني.
ويقضي الاتفاق بتبادل الزيارات الأكاديمية والطلابية بين الطرفين، وتعزيز الابتكار التقني ومسارات تطوير الجودة في التعليم، بحسب الوكالة الإماراتية الرسمية "وام".
كما يضمن الاتفاق تعزيز التعاون بين المؤسسات التعليمية بين الجانبين، وتبادل المناهج الدراسية والأدبيات التربوية والمنهجية.
ووفق الوكالة، تتيح مذكرة التفاهم كذلك تبادل المعلومات المتعلقة بمعادلة المؤهلات وتقنية المعلومات وحلول التعليم والاتصالات المستخدمة في التعليم، ومعلومات عن الإدماج الاجتماعي في التعليم، إضافة إلى منهجيات اكتشاف ورعاية الأطفال الموهوبين والمتفوقين.
وفي 4 نوفمبر 2021، وقّعت إسرائيل اتفاقية تطبيع جديدة مع الإمارات، لتبادل الهيئات التدريسية والطلاب بين جامعة إسرائيلية وأخرى إماراتية.
وكشف النقاب عن توقيع جامعة حيفا الإسرائيلية وجامعة زايد الإماراتية اتفاق تعاون أكاديمي، يركز على الأبحاث العلمية المشتركة وتبادل أعضاء هيئة التدريس والطلاب الجامعيين.
ومن أبرز ما ستفرزه الاتفاقية، جلوس طلاب يهود على مقاعد جامعة زايد، وتلقي طلبة إماراتيين تعليمهم في الجامعة الإسرائيلية.
وفي 7 نوفمبر، أفادت وزارة الخارجية الإسرائيلية بوصول حسين الحمادي، وزير التربية والتعليم الإماراتي، إلى "تل أبيب"، مشيرة إلى أنه التقى رئيس بلدية هرتسليا، كما زار مركز العلوم، في وقت التقى بعض الطلاب الذين يتعلمون بالمركز نفسه، ويشاركون في مشاريع مشتركة بمجال الفضاء وتكنولوجيا النانو.
ولفتت وزارة الخارجية الإسرائيلية في تغريدتها، إلى أن وزير التربية والتعليم الإماراتي التقى رئيس جامعة "تل أبيب"، أيضاً.
اتفاقيات سابقة
منذ توقيع أبوظبي اتفاقية مع الاحتلال الإسرائيلي في أغسطس من العام الماضي، وسَّعت الإمارات علاقاتها وصولاً إلى جانب التعليم، حيث جرى الاتفاق بينهما على إطلاق برامج لتبادل البعثات الطلابية بمجال التعليم، في مايو الماضي، خلال أول اجتماع بين وزير التعليم الإسرائيلي يوآف غالانت وسفير الإمارات العربية المتحدة محمد الخاجة.
هذه الخطوة لم تكن الأولى، إذ إن أبوظبي سمحت في أواخر العام الماضي، بافتتاح معهد تعليمي إسرائيلي، لتدريس اللغة العبرية ونشر "ثقافة الإسرائيليين" على أراضيها.
وكانت هند العتيبة، مديرة الاتصالات الاستراتيجية بوزارة الخارجية الإماراتية، قد نشرت مقالاً بصحيفة "هآرتس" الإسرائيلية إبان توقيع اتفاقية التطبيع، أشارت فيه إلى أن "الإمارات تريد سلاماً دافئاً وحميميّاً مع إسرائيل، لدرجة التحاق طلبة إسرائيليين بالدراسة بجامعة بن زايد، وسفر طلبة إماراتيين للدراسة في الجامعات الإسرائيلية".
وفي سبتمبر الماضي، أفاد تقرير نشرته صحيفة "جيروزاليم بوست" العبرية بأن الإمارات بدأت في إدخال التطبيع مع إسرائيل واتفاق السلام في مناهجها، ضمن مساقات الدراسات الإسلامية لعام 2020.
وتركز المناهج الجديدة على الحديث عن أهمية مبادرات السلام، واتفاق أبراهام، وذلك في المراحل التعليمية من المرحلة الأولى وحتى الثانية عشرة، حيث نقلت عن تقرير صادر عن معهد مراقبة السلام والتسامح الثقافي في التعليم المدرسي "IMPACT-se"، أن التعديلات الجديدة تدعم جهود المصالحة بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
معارضة محدودة
هذا الانخراط الإماراتي في عملية التعليم خصوصاً مع "إسرائيل"، لم يلقَ أية معارضة داخل البلاد، باستثناء انتقاد الشيخة جواهر القاسمي زوجة حاكم الشارقة الشيخ سلطان القاسمي، في الشهر الأول من هذا العام، بحث بلادها مع الجانب الإسرائيلي التعاون في عدة مجالات.
وفي تغريدة على حسابها بموقع "تويتر" قالت الشيخة جواهر تعليقاً على الاجتماع: "مناهجهم.. توصي بقتل العربي واغتصاب العربي".
وأعادت القاسمي نشر تغريدة لمرشد سياحي للتاريخ الأندلسي، ذكر فيها تاريخ وزير التعليم الإسرائيلي يوأڤ غالانت.
وقال المرشد أحمد في تغريدته: "من هو وزير التعليم الإسرائيلي يوأڤ غالانط؟ هو أحد الجنرالات الأكثر دموية في تاريخ إسرائيل".
وتابع: "شارك بقتل حسن سلامة في بيروت عام 1979، قائد عملية اقتحام مخيم جنين، التي أدت لمقتل العشرات من الفلسطينيين العزل، وعملية عناقيد الغضب ضد لبنان (مجزرة قانا اللبنانية) عام 1996".
يرى الكاتب والمعلم أحمد عبد الحي، أن التطبيع العلمي والثقافي "هو بوابة الانطلاقة نحو التطبيع السياسي والاقتصادي والاجتماعي".
ويقول عبد الحي في مقال منشور على موقع "ساسة بوست": إن تغيير المناهج التعليمية "أول وأبرز خطوة لتوطيد وإنجاح التطبيع التعليمي والثقافي".
ويوضح قائلاً: "سيصبح الأمر أشد خطورة حينما نلقي نظرة على التوجهات العنصرية في المناهج الإسرائيلية التي سيفرض علينا التطبيع تقنينها جميعاً أو جزءاً منها في مناهجنا العربية بشكل عام والخليجية بشكلٍ خاص".
ويشير إلى أن هذه التوجهات التي يصفها بـ"العنصرية في المناهج الإسرائيلية لم تتغير حتى في ظل وجود اتفاقيات ومبادرات سلام سابقة مع الدول العربية مثل مبادرة كامب ديفيد 1978، واتفاقية أوسلو 1993، ومبادرة السلام بيروت 2000، ومبادرة السلام السعودية 2002".
ويضيف: "يتخذ الكيان الصهيوني التطبيع العلمي ستاراً لحرف النظام العربي عن مساره وتضليل الهوية الفلسطينية للقدس المحتلة وتجهيل الأجيال العربية بتاريخ القضية الفلسطينية، كما يهدف إلى إعاقة حركة التطور العلمي والثقافي للتعليم العربي وتشويه التاريخ العربي والإسلامي لإفقاد الطالب الثقة بحضارته وتاريخه".
اتفاقية مع الفاتيكان
مع استمرار التوسع في العلاقات بين أبوظبي والفاتيكان، وقعت وزارة التربية والتعليم الإماراتية منتصف يوليو الجاري، مذكرة تفاهم مع مجمع التعليم الكاثوليكي بالكرسي الرسولي "هولي سي" في الفاتيكان.
تنص المذكرة في جوهرها على تعزيز التعاون في قطاع التعليم بين الطرفين؛ "من أجل توثيق العلاقات الراسخة، التي تأتي امتداداً وتكريساً لما جاء في وثيقة الأخوة الإنسانية من أجل السلام العالمي والعيش المشترك".
وتهدف مذكرة التفاهم، وفقاً لوسائل إعلام إماراتية، إلى "تعزيز ثقافة اللقاء والإخاء كأساس وطريق للعدالة والسلام، وفتح حوار بين الحضارات، وتطوير التعليم باعتباره منفعة مشتركة للبشرية جمعاء، فضلاً عن تطوير روابط التعاون في مجال التعليم العام والعالي المشاريع البحثية- الحلقات النقاشية- البنية التحتية التعليمية، لمواجهة التحديات الحالية والمستقبلية في التعليم".
كما تهدف إلى تعزيز إلى "احترام حقوق الإنسان والبيئة المتكاملة والتضامن، بوصفهما مسارين لتحالف تعليمي يعزز الهوية واحترام الاختلاف بين الثقافات، بجانب تبادل زيارات طلبة المؤسسات التعليمية والمشاركة في الأنشطة التعليمية".