علي الزامل- الشرق السعودية-
فكرة توحيد المناهج التعليمية لدول مجلس التعاون الخليجي لمحاربة التطرف، المزمع تطبيقها، جديرة، و«نابهة»، لكن يجب أن يسبقها توحيد فكر المعلم بوصفه موصل المعلومة، ومغذي الفكر، وبكلمة أوضح: إذا لم يقتنع المعلم بالمنهاج المراد تدريسه، أو لنقل إذا كان مناوئاً للمنهاج، فمن الاستحالة بمكان أن نتوسَّم منه «تلقيم» طلابه بما ينبغي، وإن فعل على مضض، فبإيماءة منه، أو امتعاض، أو ربما ابتسامة تندر وسخرية أثناء الشرح، تُقلب الحقائق، ويستشعر المتلقي فحواها، ومراميها، وأنها عكس ما يتفوه المعلم به، وتحديداً مَنْ لديهم توجهات تعصبية، ويتلبّسهم لغط ديني، وقيمي، ويحملون بذور التطرف. الدليل الأبرز على صحة ذلك أن القرآن الكريم، المنهاج الأعظم، وما يكتنزه من تعاليم سديدة وصريحة، تنبذ التطرف، وتدعو إلى التسامح والسلم، وقبول الآخر، لم يغير مفاهيم بعضهم، فما بال الأمر بمناهج وكتب، فالخلل، إن كان ثمة هناك خلل، ليس في المناهج، بل في فكر وتوجه «أرباب المناهج»، وهذا لا يعني أن فكرة تنقيح المناهج، فضلاً عن توحيدها، ليست ذات جدوى، بل ترشيد فكر المعلم، وعقلنة توجهه، هي الأهم، ولنكن أكثر صراحة، هناك معلمون ومعلمات، يكرسون التشدد والتزمُّت، بمعنى من المعاني، التطرف المفضي إلى الإرهاب، بمقتضاه لابد من مراجعة تشذيب فكر المعلم، أو استبداله إن لزم الأمر، هذا الإعداد المسبق بمنزلة الأرضية الصلبة والخصبة في وقت واحد، ويجب أن نعوِّل عليه قبل أن نفكر حتى في تغيير المناهج. يبقى أن نقول: إن المعلم هو «الـمُمَنهِج»، والمعد، والمرشد، والمغذي، ففكره وتوجهه، وبكلمة «سياقه»، أشبه إن جاز الوصف بـ «مفعول التيار الكهربائي»، إما أن يُشعل مصابيح فكر طلابه، ويجعلها مستنيرة، وخلاقة، أو أن يصعقها، ويرديها «معطوبة خربة».