خلف الحربي- عكاظ السعودية-
اعترف وزير الشؤون الإسلامية في مؤتمر فكري في القصيم بأن مناهج التعليم في المملكة كانت تحتوي على مواد لا تساعد على تعزيز مفهوم المواطنة ما تسبب في مشكلة نفسية للبعض ممن عجزوا عن تحديد مفهوم المواطنة، وقد انتقد الوزير ما أسماه بـ(الطرح الإسلامي) وتقصير بعض الدعاة المعتدلين والحركات الإسلامية والمهتمين بالشأن الإسلامي (لاحظوا أن الكلام لازال لوزير الشؤون الإسلامية وليس لعبدالرحمن الراشد أو تركي الحمد!) حيث أشار بوضوح إلى أن هؤلاء المحسوبين على (الشأن الإسلامي) عمدوا بشكل أو بآخر إلى تغييب مفهوم الانتماء إلى الوطن بل وعدم الاهتمام بفكرة الوطن من أساسها على اعتبار أن الانتماء الوحيد يجب أن يكون للإسلام أو إلى الوطن الإسلامي.
ولا أظن أن هذه المشكلة تخفى على أحد فالانتماء إلى الوطن بشكله الواضح والصريح (المملكة العربية السعودية) كان إلى وقت قريب فكرة مستبعدة بالنسبة للبعض باعتبارها تتعارض مع الوطن الخيالي الذي يحتوي على كل مسلمي كوكب الأرض، وقد تم معالجة بعض أوجه القصور في مناهج التعليم بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر والضربات الإرهابية التي نفذها تنظيم القاعدة داخل البلاد، ولكن المشكلة لازالت قائمة لأن ما تم هو فقط تصحيح لبعض الأخطاء السابقة دون التعامل مع هذه المسألة باعتبارها هدفا تربويا أساسيا لابد من غرسه في قلوب الصغار.
واليوم نحن نواجه واقعا مرعبا أطاح بدول عربية كبرى بعد أن تراجع مفهوم الانتماء للوطن لصالح الانتماء للطائفة أو الحزب أو القبيلة، وهو ما يشكل تهديدا صريحا لمفهوم المواطنة في كل الدول العربية المستقرة وفي طليعتها المملكة العربية السعودية، ومن واجب وزارة التعليم أن تراجع مشاريعها التربوية في هذا الموضوع بالذات خصوصا بعد أن نجحت بعض التنظيمات الإرهابية (السنية والشيعية) في اختراق عقول عدد لا بأس به من شبابنا ليتحولوا إلى خناجر مسمومة ضد أوطانهم وأهلهم.
ولكي لا نلقي كل مشكلة في ملعب المناهج ووزارة التعليم ثم نمضي إلى بيوتنا ونحن نظن أننا اكتشفنا أين توجد العصا السحرية، فإن تعزيز مشاعر الانتماء للوطن والاعتزاز بالأرض والإنسان والتاريخ والهوية مسألة لا تخص وزارة التعليم وحدها بل يجب أن تكون مشروعا وطنيا متكاملا تشارك فيه مختلف الجهات بطرق مبتكرة ومؤثرة وفي مقدمة هذه الجهات بالطبع وزارة الثقافة والإعلام التي تستطيع أن تفعل الكثير متى ما أصبحت هذه المسألة في رأس قائمة اهتماماتها.