حمود أبو طالب- عكاظ السعودية-
لو أن هذا الكلام قاله شخص آخر لسمعنا الرد الهجومي العنيف الذي نسمعه ضد أي أحد يقوله، لكنه هذه المرة جاء من مسؤول يصعب على كتائب الهجوم الجاهز السريع التلقائي العشوائي أن توجهه له، فماذا عساهم يقولون بحق وزير الشؤون الإسلامية وهو المسؤول الذي لا يمكن أن يخوض في قضية حساسة دون امتلاكه للأدلة التي تسند رأيه، بحكم موقعه كوزير وكباحث في القضايا التي تختص بوزارته. سيكون من الصعب أن يتهم وزير الشؤون الإسلامية بالتغريب والتواطؤ مع الأجندات التي تتربص بنا كما هو الحال عند أي حديث عن إشكالات التعليم، وكما هو المألوف عندما ينتقد أحد آخر مناهج التعليم.
هذه المرة جاء الكلام من وزير الشؤون الإسلامية في مؤتمر «تأصيل الانتماء والمواطنة» الذي عقد في القصيم، وملخص ما قاله بحسب الصحف التي نشرته أن مناهج التعليم في المملكة كانت تحتوي على ما يساعد على نفي الاهتمام بالمواطنة والانتماء للوطن، وأنه قد نتج عن ذلك مشكلة في معنى الانتماء والمواطنة ما رسخ على مدى سنوات طويلة اعتقادا عند الشباب بأن الاهتمام بالوطن غير مطلوب. وأضاف بأن كثيرا من الدعاة والحركات الإسلامية والمهتمين بالشأن الإسلامي لم يولوا موضوع الانتماء والمواطنة الاهتمام المطلوب، بل قالوا إنه لا اهتمام بالوطن في الإسلام أصلا، وإنما الاهتمام بالوطن الإسلامي الكبير.
الوزير وباختصار يقول إن مناهجنا أضعفت الانتماء للوطن، فمن وضع تلك المناهج؟ ومن هم الذين يحرصون على عدم تغييرها وتطويرها، وتصيبهم حالة هستيرية عندما يتم نقدها والمطالبة بتنقيتها من الشوائب الخطيرة؟. ومن هم الذين ما زالوا يشرفون عليها وينتجونها بالكيفية التي يشاؤونها؟. نعرفهم جميعا، ونعرف أهدافهم؛ لأننا حصدنا نتائجها من الخراب والإرهاب الذي يضرب في وطننا منذ سنوات بعد أن تحولت الأفكار إلى بنادق وقنابل وأحزمة ناسفة، وبعد أن تحول الوطن إلى مفهوم غائب ومصطلح ذائب في أمة لا نعرف أين تنتهي حدودها، رغم أننا في عصر الدولة الوطنية بكل اشتراطاتها وضرورات تعريفها.
حسنا، لقد اعترف بذلك مسؤول كبير وبشكل مباشر وواضح، فهل ستكون نتيجة اعترافه تصحيحا للخلل المزمن الخطير، أم أنه سيواجه ما قد واجهه غيره وينتصر تيار إلغاء الوطن؟. لننتظر ونرى..