مرآة البحرين-
ثمة طفولة منتهكة في البحرين، ليست مثل أي مكان آخر، فالأطفال من "طائفة معينة" هم خصوم النظام، لا فرق بينهم وبين ذويهم، كلهم أعداء مفترضون، يحضّون على كراهية النظام، يهينون الملك، ويريدون قتل "مرتزقته"، بحسب القاعدة التي يعمل وفقها النظام!
المواثيق الدولية التي صادقت عليها البحرين وخصوصا اتفاقية "حقوق الطفل" لا ثقة فيها، ليست تحمي الطفولة في البحرين، لم تمنع النظام البحريني من أن يقتل أطفال ويعتقلهم ويعذّبهم أويعتدى عليهم في الشارع بأعقاب البنادق، ويحاكمهم بتهمة الاعتداء على "رجال الأمن"!
لم يعد النظام يخجل من استهدافه للأطفال رغم الإدانات الدولية الواسعة، بل زاد من وتيرة انتهاكاته ضدّهم، وصار يتبجّح بأن هؤلاء ليسوا "أطفالا" بل "إرهابيين" و"مجرمين".
أطفال المعارضة ضحايا الاعتقال والتعذيب
تشير بيانات المنظمات الحقوقية البحرينية إلى وجود ما يتجاوز 250 معتقلاً في السجون البحرينية حسب إحصائيات العام 2015، جميعهم اعتقلوا على خلفية الأحداث السياسية، وهم ممن يمكن تصيفهم ضمن فئة الأطفال والطلبة، وما يزال بعضهم يحاكم تحت قضايا تندرج ضمن قانون الإرهاب.
مرصد البحرين لحقوق الإنسان، أفاد أن شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2015 سجل أعلى عدد من اعتقالات الأطفال وصل إلى 100 طفل، فيما أوضحت 9 منظمات مدافعة عن حقوق الإنسان في بيان لها صدر في 20 نوفمبر/تشرين الثاني 2015 أن السلطات منذ 2011 حتى اليوم انتهكت حق الأطفال في الأمان على نفسهم بقتل أكثر من 10 دون سن الـ 18، كما تعرض للاعتقال ما مجموعه أكثر من 1500 طفل لا زال بعضهم معتقل ويحاكم في قضايا تندرج ضمن قانون الإرهاب.
وأشار تقرير لجمعية الوفاق صدر في مايو 2015، أنه في العام 2014 رصدت الوفاق 245 حالة اعتقال تعسفي للأطفال، وأن المجموع الإجمالي لحالات الاعتقال التعسفي للأطفال منذ العام 2011 وحتى العام 2014 ، بلغ ( 727) طفلا بينهم 3 أطفال إناث.
وفي إحصائية سابقة لعدد الأطفال المعتقلين رصدت منذ بداية ثورة 14 فبراير 2011 وحتى العام 2013، بلغ العدد 482 طفلا، وفي العام 2012 بلغ عدد المعتقلين من الأطفال، في حين أنه لم تكن هناك إحصائية واضحة لعدد الأطفال المعتقلين في السنة الأولى من عمر الثورة.
معظم الأطفال الذين تعرضوا للاعتقال كانوا يعتقلون من داخل منازلهم، أو بالقرب منها، من مدارسهم، من حافلات المدرسة، من صفوفهم، من قاعات الامتحان، في العام 2011 داهمت القوات الأمنية البحرينية ما لا يقل عن 12 مدرسة " الابتدائي والثانوي، البنين والبنات" وقامت باعتقال طلاب وطالبات.
لم يضع النظام البحريني حدودا لاستهدافه للأطفال سواء من ناحية العمر أو حتى البنية الجسمية للطفل، ففي العام 2012 تم استدعاء الطفلة أبرار (8 سنوات) للتحقيق بتهمة المشاركة في مسيرة بالعاصمة المنامة، وفي العام نفسه اتهمت مديرة مدرسة طفلاً في الثامنة من عمره كان يلعب بقنينة ماء وضع فيها حبراً أزرق أنه يصنع قنابل مولوتوف، واستدعت الشرطة التي داهمت المدرسة وسجلت الحادثة كقضية جنائية.
وفي العام 2103 اعتقلت القوات الأمنية الطفل علي عيسى "10 سنوات" بينما كان يلعب مع أصدقائه بالقرب من منزله، واتهمته بالتجمهر وحيازة المولوتوف، فيما اعتقل الطفل علي الشوفة " 17 عاما" بتهمة انتقاد الملك على حسابه في " تويتر".
واعتقل الطفل محمد منصور المؤمن (13 عاما) في العام 2015، بعد إيقاف الباص الذي جاء فيه من رحلة إلى العراق، على جسر الملك فهد، واتّهم بإحضار حقيبة مملوءة بصواعق التفجير من هناك، كما اعتقل الطفل المعاق سيد جعفر (16 عاما) لمجرد اتّصال أجراه بصديقه المطارد، وقد خيّره الضابط خيّره التهم التي يريد توجيهها له: "هجمة أو مراقبة"، لكن المفاجأة أن النيابة العامة وجهت له تهمة ثالثة "قنبلة وهمية".
أفاد الأطفال المعتقلون بأنهم تعرضوا للتعذيب الشديد فترة اعتقالهم، جسديا مثل الصفع والركل، أو التحرش الجنسي، أو الصعق الكهربائي، ونفسيا كالتهديد باعتقال الوالدين، ونعتهم بألفاظ نابية، وقد أفرد تقرير الخارجية الأمريكية في العام 2013 عن حقوق الإنسان في البحرين فقرة كاملة عن تعرض الأطفال للتعذيب والمعاملة القاسية
الأطفال ضحايا القمع: الغازات السامة ورصاص الشوزن
الأطفال الذين يسكنون مناطق ذات غالبية معارضة، هم الضحية الأكبر لممارسات القوات الأمنية. الإفراط في استخدام الغازات المسيلة للدموع والسامة وتعمد إطلاقها داخل المنازل أدى إلى حدوث اختناقات كثيرة أودت بحياة مجموعة منهم، كما أن استخدام رصاص الشوزن بلا هوادة والذي بات يخترق أجسامهم الغضّة، انتج عددا كبيرا من الأطفال المصابين، إضافة إلى استشهاد البعض منهم.
وتشير إحصائيات لمنظمات حقوقية، أن هناك 27 حالة وفاة لأجنة في بطون أمهاتهن في الفترة ما بين 2011 وحتى 2014 والسبب بأن هؤلاء الأمهات تعرضن لاستنشاق كميات كبيرة من الغازات المسيلة للدموع، فيما استشهد عدد من الأطفال بسبب استنشاقهم لكميات كبيرة من الغازات السامة منهم الشهيد "ياسين العصفور 14 عاما" في العام 2012، والشهيد قاسم حبيب "8 سنوات" في العام .2013
وبسبب طلقة غاز المسيل للدموع استشهد الطفل على الشيخ " 14 عاما" في العام 2011، في حين فقد الطفل أحمد النهام "5 سنوات" عينه اليسرى في العام 2013 بسبب تعرضه لرصاص الشوزن عندما كان بجانب والده أثناء بيعه السمك، كما أن الطفلة فاطمة الخواجة (15 عاما) في العام نفسه تعرضت لطلق أصابها في بطنها وصدرها، وهي داخل منزلها، أدخلت على إثرها المستشفى مرتين بسبب النزيف الحاد التي تعرضت له جراء طلقات الشوزن التي استقرت في بطنها.
وفي العام 2014 اسشهد الطفل السيد محمود " 14 عاما" بعد أن قامت القوات الأمنية بتعمد استهدافه برصاص الشوزن من مسافة قريبة، وفي العام 2015 أصيب الطفل محمد السواد (13 عامًا) برصاص "الشوزن" في عينيه، فقد بسببها عينه اليسرى، كما أجريت له عملية جراحية في العين الأخرى في محاولة لإنقاذها.
الأطفال الشهداء
بلغ عدد الأطفال الشهداء 24 طفلا في الفترة ما بين 2011 وحتى 2014، وتعددت الأسباب التي أودت بحياة هؤلاء الأطفال، فمنهم من تسبب الغاز المسيل للدموع في اختناقه ووفاته، ومنهم من أصيب بطلقات الشوزن في مناطق خطيرة في جسده أثناء الاحتجاجات السلمية، ومنهم من تعمد دهسه حتى الموت.
وكان الطفل الشهيد السيد أحمد شمس " 14 عاما" أول الضحايا بعد قمع المعتصمين في دوار اللؤلؤة في مارس 2011 ، تركته قوات الأمن بعد أن أصابته بطلق ناري يعاني دون إسعافه حتى فارقت روحه الحياة، أما الطفل علي بداح ( 16عاماً) ، فقد استشهد بعد دهسه بسيارة تابعة لقوات الأمن البحرينية أثناء الاحتجاجات البحرينية 2011، بحسب ما ذكرت المعارضة.
وفي حادث لا زال غامضا في العام 2014، استشهد فيه الطفلان علي عباس (16 عاما) وأحمد المسجن (17 عاما) بعد انفجار السيارة التي كانا يقلانها، وقد وصفت تنظيمات سياسية ومنظمات حقوقية الحادث بالغامض.
الأطفال في المحاكم
في البحرين يعامل الأطفال معاملة الراشدين، يعتقلون، يعذبون، ويحاكمون بتهم لا تناسب أعمارهم ولا أجسادهم الضعيفة، التهم التي توجه لهم هي نفسها تهم الراشدين والرجال، تهمة التحريض على كراهية النظام، وقلب النظام، التجمهر، الاعتداء على قوات الأمن، حمل المولوتوف، الإرهاب، تكسير سيارات الشرطة
لم يسلم الطفل البحريني من المحاكم العسكرية التي أقامها النظام في فترة السلامة الوطنية في 2011، فقد حوكم الطفل علي عبد الكريم سلمان ( 16 عاما) وهو من أصغر من تمت محاكمته، وحكم عليه من قبل القاضي العسكري يوسف راشد فليفل بالسجن لمدة 15 عاماً.
وفي العام 2012، حوكم الطفلين " إبراهيم المقداد 15 عاما، وجهاد الحبشي 16 عاما" بتهمة حرق مدرعة وحكم عليهما بالسجن 10 سنوات بموجب قانون الإرهاب، وفي 2014 أودع الطفل جهاد السميع ( 10 أعوام) سجن الأحداث بعد الحكم عليه بقضية تجمهر وشغب وإتلاف سيارتين لوزارة الداخلية والاعتداء على موظف عام، وذلك وفق قانون الإرهاب.
الأطفال في تقرير بسيوني
أفرد رئيس لجنة تقصي الحقائق البروفيسور شريف بسيوني أجزاء من تقريره عن الانتهاكات ضد الأطفال، مؤكّدا تعرضهم لـ"الإرهاب" إلى جانب أفراد كل عائلة يداهم منزلها، وقال إن العديد من الآباء والأمهات اعتقلوا وتعرّضوا لاعتداءات أمام أعين أطفالهم!
وذكر بسيوني أن محققي اللجنة شهدوا إحدى الوقائع التي تم فيها القبض على أطفال دون الخامسة عشرة، ووجد المحققون عددًا من الأولاد المراهقين يقفون مكبلين ومعصوبي الأعين. كان الأولاد جميعا قد تعرضوا للضرب، كما كانت ثمة حروق في صدر أحدهم وهو في الرابعة عشرة جراء الحرق بالسجائر. (الفقرة 1138).