أكد اختصاصي في الاتصال والإعلام أن الطفل في السعودية ينفق سنوياً 400 دولار على شراء ألعاب الفيديو، وأنه يستغرق أكثر من ست ساعات يومياً باللعب في الإنترنت، وأن لديهم القدرة على كسر نظام الحماية في الإنترنت لأي موقع يحوي ألعاباً، محذراً
من إدمان الأطفال على الابتكارات الاتصاليّة الإلكترونية يوماً بعد يوم، لقدرة هذه التقنيات على إحداث تغيير جذري في أنشطتهم وسلوكيّاتهم، مستعرضاً نظرية جديدة في مجال ما يسمّى «بالإعلام الأسري»، وضعها في 2007 الباحث الفرنسي المختصّ في دراسة علاقة الأطفال بوسائل الإعلام ودور الأسرة والمدرسة في بناء هذه العلاقةSerge Tisseron.
وأوضح الأكاديمي في قسم الاتصال والإعلام في كلية الآداب في جامعة الملك فيصل الدكتور لطفي الزيادي أن هذه النظرية تهدف إلى إعطاء حلول عملية ملموسة للوالدين والمربين كي يتمكنوا من ترشيد علاقة الأطفال بوسائل الاتصال والإعلام بصفة عامة والإلكترونية بصفة خاصة، موزعة على الحقب العمرية الأربع التي تكوّن ما يسمى «بالطفولة» وهي فترة ما بين الولادة وثلاث سنوات، وما بين ثلاث وست سنوات، وما بين ست وتسع سنوات، وما بعد 12 سنة، استناداً إلى تغيرات النمو العقلي والفكري والعاطفي للطفل بتغير سنّه، وهو ما جعله يسمي نظريته بـ«نظرية 3-6-9-12».
وقال: خلال ورقة علمية بعنوان: «الأطفال والشاشات: نظرية 3-6-9-12»، في ملتقى الإعلام الأسري الذي أقيم أخيراً بتنظيم من مركز بيت الخبرة للبحوث والدراسات الاجتماعية وبشراكة متكاملة مع جامعة الملك فيصل: «إن الدراسة أوردت إحصاءات وإشارات إلى أن الطفل في السعودية ينفق سنوياً 400 دولار على شراء ألعاب الفيديو، وأنه يستغرق أكثر من ست ساعات يومياً باللعب في الإنترنت، وأن لديهم القدرة على كسر نظام الحماية في الإنترنت لأي موقع يحوي ألعاباً في ظل غياب أو صعوبة الرقابة الأسرية عليهم، وتعدد وسائل التقنية الحديثة للأجهزة الذكية المتنقلة».
وبين الزيادي أن دراسة صادرة عن مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي التابع لـ«أرامكو» السعودية في 2014 أشارت إلى أن 59 في المئة من الأطفال السعوديين يفضلون مشاهدة التلفاز على القراءة.
وأكد أن أطفال هذه المرحلة يعيشون التطور التقني، الذي جعل العالم قرية صغيرة، فقرب المتباعدين جسدياً وفكرياً وجغرافياً، غير أن هذا التطور أدى إلى تفاقم ظاهرة العنف في المضامين التي تبثها هذه الوسائل والموجهة إلى الأطفال في ظل اندثار الحدود والمسافات، فأصبحت هذه المضامين العنيفة والمخلة بالأخلاق الحميدة، والقيم النبيلة في متناول الأطفال.
وأشار إلى أن الأطفال عادة في هذه السن يبحثون عن الاستقلالية في الآراء والمواقف والتصرفات ومحاولة إثبات الذات، وعليه يرى أنه يجب إرشادهم إلى الاتزان والاعتدال في المواقف والسلوكيات، والبعد عن التفكير الأحادي والمتطرف، مع التذكير بما يسمح به وما يعاقب عليه في عملية البحث في الإنترنت، فكل ما ينشر يخضع إلى القوانين والتشريعات المعمول بها، وما ينشر وما يبث في الإنترنت لا يمكن إزالته ومحوه في ما بعد، وليس كل ما ينشر في الإنترنت صحيح ومؤكد فكثيرة هي المضامين الكاذبة والمفبركة.
كما حذر الأكاديمي في قسم الاتصال والإعلام في كلية الآداب في جامعة الملك فيصل من مخاطر مواقع التواصل الاجتماعي التي تكمن في الوجود المستمر لبعض المراهقين على هذه المواقع، ونشرهم لتفاصيل حياتهم لأصدقاء افتراضيين، وهو ما يجعلهم في كثير من الأحيان عرضة للابتزاز والتشويه، أو محاولة الاستدراج من جهات إجرامية ومتطرفة.
وشدد على أنه لا ينصح بالوجود على مواقع التواصل الاجتماعي قبل سن 12 سنة لقلة نضج الأطفال في هذه السن، بل ينصح باجتناب الرقابة السرية لنشاطات الأبناء حتى لا يشعروا إذا تفطنوا لذلك بانعدام ثقة الأولياء في سلوكهم، وتفضيل النصح والنقاشات البناءة، وعليهم تشجيع الأبناء على ممارسة الألعاب الجماعية في الإنترنت، لأن من شأنها أن تسهل اندماجهم الاجتماعي عكس الألعاب الفردية التي تؤدي عادة إلى الانطواء والعزلة، وعدم القدرة على التواصل والتفاعل الإيجابي مع الآخرين.
وأبان أن الدراسة خلصت إلى أن ترشيد استعمال وسائل الاتصال والإعلام الحديثة تجعل الطفل قادر على بناء علاقة تفاعلية إيجابية مع محيطه الافتراضي بحسب عمره وميوله، ويدعم زاده المعرفي وقدراته الفكرية والإبداعية، شريطة عدم الإفراط في استعمال هذه الوسائل واجتناب الدخول على مواقع تبث مضامين منافية للأخلاق، وأفكار متطرفة وعدائية تحث على العنف، وتفضيل الألعاب الإلكترونية الجماعية التي تؤسِّس لعلاقات إيجابية ومثمرة مع أفراد ومجموعات يتم اختيارها بصفة انتقائية، واجتناب الألعاب الفردية التي تؤدي إلى العزلة والانطواء، وتنمي لدى الأطفال الأحاسيس الأنانية والمواقف العدائية التي تصعب اندماجه في محيطه، وتؤثر في حسن سير علاقاته الاجتماعية.
وكالات-