ريتشارد سبنسر- صحيفة “التايمز”-
يقول ريتشارد سبنسر مراسل شؤون الشرق الأوسط في صحيفة “التايمز” إن إعلان السعودية عن إلغاء حكم الإعدام ضد الأطفال الذين ارتكبوا جريمة، وهم في سن تحت الثامنة عشرة قد يكون محاولة لكسب الرأي العام ولا ينم عن تغيير حقيقي داخل المملكة.
وفي تقريره الذي عنونه بـ”سنتوقف عن إعدام الأطفال.. تعهدت السعودية” وقال فيه إن طلب حكم الإعدام لطفل عمره عشرة أيام لا يعد أمرا غريبا في السعودية، وحالة مرتجى عبد الله قريريص هي دليل على هذا.
وأضاف أن المرسوم الملكي الذي صدر الأسبوع الماضي وأعلن عن إلغاء حكم الإعدام ضد الأطفال جاء بدون تفاصيل، وربما كان ردا على الشجب الدولي عندما انتشرت قضية قريريص العام الماضي.
واهتمت عناوين الأخبار بتغيير الحكومة سياستها التي كانت محلا لشجب منظمات حقوق الإنسان والحكومات الأجنبية على مدى السنين الماضية، إلا أن السؤال الذي لم يجب عليه الإعلان، إن كانت الأعمال الإرهابية داخلة ضمن العفو، خاصة أن عددا من القاصرين تمت محاكمتهم وإدانتهم بناء على قوانين مكافحة الإرهاب.
ويقول المدافعون عن حقوق الإنسان إن المسودات التي تم تسريبها عن المرسوم تشير إلى أن الأحكام الصادرة بموجب قوانين مكافحة الإرهاب ليست مشمولة بالعفو، مع أن المفوضية السعودية لحقوق الإنسان تؤكد أنها من ضمن العفو. وتمت إدانة قريريص لأنه شارك في تظاهرة ضد الحكم عندما كان في سن العاشرة. وأعدمت السعودية العام الماضي 37 شخصا بناء على هذه القوانين منهم ثلاثة كانوا قاصرين عندما تم إدانتهم.
ولو كانت المسودات صحيحة، فإن المرسوم الملكي يقول الكثير عن المعركة على الرأي العام بين منظمات حقوق الإنسان والعائلة السعودية الحاكمة، خاصة ولي العهد محمد بن سلمان، ولا علاقة لها بالقانون نفسه.
ويقول علي الدبيسي من المنظمة الأوروبية- السعودية لحقوق الإنسان، وهو سجين سابق يعيش في الخارج: “يحاولون الرد على الضغوط ولكن بطريقة مضللة” و”لا تستطيع السعودية الهروب من النقد المتعلق بهذا الموضوع، والناس يتحدثون عنه بشكل مستمر ولا يمكنهم (السعوديون) تجاهله”.
وتم الإعلان عن مرسوم إلغاء حكم الإعدام بضجة عالية وبعد يومين من الإعلان عن وقف عقوبة الجلد. وفي السعودية اليوم خمس حالات تنتظر الإعدام، حيث ارتكب الأشخاص المدانون الجنح عندما كانوا قاصرين.
وقدم أربعة منهم استئنافات ضد الأحكام الصادرة عليهم ورفضت، أما الخامس فينتظر تأكيد حكم الإعدام عليه. وهناك ثمانية يواجهون المحاكمة وطلب الإدعاء تنفيذ حكم الإعدام بحقهم.
ويقول المحامون إن الحكومة لو كانت جادة في إلغاء أحكام الإعدام، فيجب وقف كل الأحكام الصادرة حالا. ومعظم الشباب الذي صدرت عليهم الأحكام هم من أبناء الأقلية الشيعية في السعودية والذين شاركوا في التظاهرات ضد الحكومة أثناء الربيع العربي عام 2011.
ودعمت بريطانيا مناشدات العفو نيابة عن ثلاثة ينتظرون الإعدام بمن فيهم علي النمر، الذي كان في الـ17 عاما عندما اعتقل، وأعدم عمه نمر النمر عام 2016 بتهمة التحريض على نظام الحكم.
وقال طه الحاجي، المحامي عن العائلة في بيان وصل عبر المنظمة الأوروبية- السعودية بالبريد الإلكتروني: “حتى يقوم الملك بإلغاء هذه الأحكام ويتم سحب مطالب الإعدام فلم يتغير شيء على الإطلاق”.
وما يجعل الإعلان مربكا، هو أن قانونا صدر عام 2018 استبعد الإعدام في معظم الحالات، تاركا ثلاثة استثناءات، حالات مكافحة الإرهاب والقصاص والحدود التي يمكن تطبيقها.
وسمحت هذه الإستثناءات بتنفيذ أحكام الإعدام العام الماضي وبقاء الحالات الـ13، وتمت محاكمة 12 منهم في محاكم مكافحة الإرهاب أو بتهم تتعلق بالإرهاب، أما الحالة الباقية فتمت المحاكمة بناء على القصاص، أي العقوبة بالمثل.
وفي بيان من المفوضية السعودية لحقوق الإنسان جاء فيه أن “إلغاء حكم الإعدام ضد من ارتكبوا جرائم وهم قاصرون شامل لكل الجرائم بما في ذلك الإرهاب، مع أنه سيكون هناك إدراج بأثر رجعي”. ويقول الناشطون إن عليهم الانتظار.
إلا أن جريمة قتل جمال خاشقجي حولت مشكلة الصورة إلى أزمة. وبعد الشجب العالمي العام الماضي رفعت السعودية تهديد الإعدام عن مرتضى قريريص، وحكم عليه بالسجن لمدة 12 عاما. إلا أن حالة الإعدام مستمرة ضد طفل اسمه عبد الله الفراج، وهو واحد من الثمانية التي يطالب الإدعاء بإعدامهم، وكانت جريمته هي المشاركة في تظاهرة بعد جنازة عندما كان عمره 9 أعوام.