مجتمع » طفولة

آخرها حظر روبلوكس بقطر.. حرب خليجية على الألعاب الإلكترونية الخطيرة

في 2025/08/15

إبراهيم شاكر - الخليج أونلاين

بات سوق الألعاب الإلكترونية من أكثر الأسواق نمواً حول العالم، مستهدفاً أكثر من 3.4 مليارات لاعب أو مستخدم لتطبيقات الألعاب، وبقيمة تقترب من 200 مليار دولار، وفق إحصائيات تعود للعام 2024.

هذا الانتعاش المهول لهذا السوق أحدث طفرة في مجال الألعاب الإلكترونية، خصوصاً الشبكية منها، وهذا بدوره ضاعف المخاطر والتحديات، خصوصاً في مجال التطبيقات التي تستهدف شريحة الأطفال.

هذه التحديات دفعت العديد من حكومات العالم إلى تشديد الرقابة على الألعاب الإلكترونية، لحماية الأجيال من مخاطر متنامية تشمل الإدمان ومخاطر أخرى تتعلق بالصحة النفسية وأضرار اجتماعية.

ونظراً للتوسع الكبير في مجال التكنولوجيا والإنترنت في دول الخليج، حرصت هذه الدول على توفير أقصى درجات الحماية والأمن للنشء، وهذا يتجلى من خلال سلسلة من الإجراءات والقوانين التي تصب في خانة التصدي للجوانب السلبية لهذه الألعاب.

خطوة قطرية

ويوم الأربعاء (13 أغسطس)، دخل قرار حظر لعبة "روبلوكس" في قطر حيز التنفيذ، في خطوة تهدف لحماية الأطفال والمراهقين من المحتوى الذي يتعارض مع القيم الأخلاقية والدينية للمجتمع القطري.

الحظر جاء بعد تقارير عن تزايد المخاطر المتعلقة بتأثيرات هذه اللعبة، كالعنف والمشاهد الدامية والمحتوى غير المناسب للعادات والتقاليد والتعاليم الدينية، وكذا الآداب والأخلاق.

هذه الخطوة تأتي في وقت أصبحت فيه مجتمعات الخليج أكثر انفتاحاً على التكنولوجيا، وأصبح الأطفال والمراهقون أكثر ارتباطاً بالبيئة التكنولوجية، مما يجعلهم أكثر عرضة لمخاطرها، وفي المقدمة الألعاب الإلكترونية.

ونقلت صحيفة "الشرق" القطرية عن الباحث في التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، بهاء الأحمد، قوله إن لعبة "روبلوكس" وغيرها من المنصات التفاعلية لم تعد مجرد ألعاب، بل تحولت إلى مجتمعات رقمية مفتوحة يعيش فيها الأطفال تجارب حقيقية، يتواصلون، ويتأثرون، ويتشكلون نفسياً وسلوكياً داخلها.

ولفت الأحمد إلى أن هذه المنصات "تتيح لأي شخص من أي مكان في العالم الدخول والتفاعل مع طفل لا يملك من أدوات الحماية سوى براءته، ما يجعلها ساحة خصبة للتلاعب والاستغلال وأحياناً التوجيه نحو سلوكيات مدمرة".

وأصبح من المتعذر للمستخدمين الوصول إلى لعبة "روبلوكس" في قطر بعد سريان الحظر، لتصبح إحدى الدول التي قررت حظر تلك اللعبة، إلى جانب سلطنة عُمان وتركيا والصين ودول أخرى.

تحذيرات عالمية

وتأتي هذه الإجراءات في ظل معطيات مقلقة حول إدمان الألعاب، إذ تشير تقارير متخصصة إلى أن نحو 5–10% من اللاعبين يعانون من سلوكيات قد توصف بأنها إدمانية، لا سيما بين المراهقين، ما يؤدي إلى إهمال الدراسة والواجبات، واضطرابات في النوم والعلاقات الاجتماعية، وفق تقرير لمنصة "واي فاي تالنتس" (2025).

ومنذ عام 2018، اعترفت منظمة الصحة العالمية بـ"اضطراب الألعاب" كحالة صحية عقلية، ما يضع تحدياً أمام الحكومات للتحرك وفرض رقابة صارمة لحماية الشباب والمجتمعات.

ومع اتساع رقعة الاستخدام للتكنولوجيا في الحياة اليومية، والاعتماد المتزايد على الإنترنت في مختلف جوانب حياة الناس، يصبح لزاماً على الحكومات تحقيق التوازن بين الترفيه والرقابة لحماية المجتمع والنشء من مساوئ تلك الألعاب الإلكترونية.

"روبلوكس"

استقطبت لعبة "روبلوكس" قرابة 85 مليون مستخدم، قرابة 40% منهم تحت سن الـ13، وفق تقرير لصحيفة "الغارديان" نشرته في مايو الماضي.

وتجذب هذه اللعبة بمظهرها اللطيف والودود الأطفال، الذين يدخلون في منافسات وتحديات ونقاشات مع آخرين لا يعرفون هوياتهم، وهو ما يجعلهم عرضة سهلة للابتزاز والإساءة.

وتتيح لعبة "روبلوكس" خاصية اللعب الجماعي أو "اللعب الشبكي"، والتواصل مع لاعبين من مختلف أنحاء العالم عبر الإنترنت، وتتميز بقدرتها على دمج البرمجة البسيطة مع التصميم الإبداعي، ما يجعلها جاذبة بالنسبة للأطفال والمراهقين.

ووفق تقرير "الغارديان"، فإن أطفالاً لم تتجاوز أعمارهم الخامسة، تواصلوا عبر اللعبة مع بالغين، كما دخلت حسابات مسجلة لطفلة في العاشرة إلى بيئات افتراضية ذات إيحاءات جنسية صريحة.

والتحقت قطر بسلطنة عُمان والصين وغواتيمالا وكوريا الشمالية في حظر هذه اللعبة، لأسباب تتعلق بالخصوصية وحماية الأطفال والمحتوى غير اللائق.

وبحسب المعلومات المتوفرة، فقد جرى إطلاق اللعبة على الإنترنت عام 2006، وتتيح للمستخدمين إنشاء ألعابهم الخاصة ولعب ألعاب الآخرين باستخدام أدوات برمجية، وبالرغم من كونها مخصصة لشريحة الأطفال والمراهقين، فإنها متاحة للجميع للدخول فيها.

"ببجي"

من الألعاب الخطيرة التي استدعت تدخلاً حكومياً في عدد من دول العالم، لعبة "ببجي" الشهيرة، والتي تحولت من لعبة ترفيه إلى وسيلة موت، بعد أن تسببت في مقتل 9 أطفال بحلول العام 2021.

هذا الخطر دفع عدداً من الحكومات إلى حظرها، خصوصاً بعد رصد 4 حالات وفاة مرتبطة بها في مصر، وحالتين في الهند، وحالة في كلٍّ من السعودية والعراق ونيبال.

ومن الدول التي حظرت تلك اللعبة: العراق، والأردن، ولبنان، وإندونيسيا، وأفغانستان، وزادت القيود على اللعبة بعد ذلك أيضاً.

و"ببجي" هي لعبة فيديو جماعية، طورتها شركة كورية جنوبية وصدرت لأول مرة في مارس 2017، ثم أصبحت لاحقاً من أكثر الألعاب خطورة على النشء والشباب.

لعبة "GTA V"

لعبة "Grand Theft Auto V"، والمعروفة اختصاراً بـ"GTA V"، هي لعبة شعبية تعتمد على إطلاق النار والعنف مع قصص فكاهية عن الجريمة، وسبق أن حظرتها السعودية والإمارات بسبب مشاهد العنف والمخدرات والمحتوى الجنسي الصريح.

ثم تراجعت الدولتان عن الحظر منتصف يوليو الماضي، بعد تقييد الوصول إليها على البالغين، بعد أن تم اعتماد التصنيف 21+، ما يعكس تحوّلاً في السياسات الرقابية.

ألعاب أخرى

قامت الكويت في 2024 بحظر النسخة الجديدة من لعبة "نداء الواجب" الشهيرة، لأسباب تتعلق بأحداث الغزو العراقي للدولة، منها مشاهد حرق حقول النفط، وظهور صدام حسين، ووفق مبررات الحظر، فإن اللعبة تجرح الذاكرة الجماعية لصدمة الحرب ولا تحترم الواقع الثقافي للبلاد.

كما حظرت السعودية سلسلة ألعاب، منها Final Fantasy XVI، The Last of Us Part II، Resident Evil 5 & 6، Grand Theft Auto، God of War، وغيرها الكثير.

ومن أسباب الحظر: "مشاهد عنف، محتوى جنسي، ترويج للمثلية، مشاهد دينية أو رموز غير مقبولة، مغالاة في الدماء، وغيرها"، وهذه كلها تضر بالقيم الأسرية والدينية، وتشجع على العنف والانحراف الثقافي والفكري والأخلاقي.