المدينة السعودية-
الثورة التقنية دخلت بيوتنا واستغلها الدوا بدأت التنظيمات الإرهابية، مؤخرًا في استخدام أساليب جديدة ومتنوعة، من أجل التغرير بالأطفال والمراهقين من خلال استغلال وتوظيف التقنيات الحديثة ومواقع التواصل الاجتماعي وصولاً إلى الألعاب الإلكترونية.
وأصدر أتباع الفئة الضالة، أطوارًا جديدة من الألعاب الإلكتروينة، يستطيع من خلالها الطفل أن يتقمص دور أحد جنود هذه التنظيمات وينفذ المهام المطلوبة منه على شكل مراحل.
واقتحم تنظيم داعش الإرهابي مؤخرًا، عالم الألعاب الإلكترونية العالمية الشهيرة التي تتميز بخاصية اللعب عن بعد، أو مايسمى بألعاب «الأون لاين»، ليدخلوا من خلالها في نقاشات مع الأطفال ويحاولون إقناعهم ببعض الأفكار والتوجهات الإرهابية وتجنيدهم بهدف تنفيذ عمليات إرهابية في محيطهم.
وطور الدواعش نسخة معدلة من لعبة «GTA» العالمية الشهيرة، تحت مسمى «صليل الصوارم»، عمدوا خلالها إلى إظهار اللعبة بقالب إسلامي، حتى يتمكنوا من اكتساب ثقة الأطفال والمراهقين ويوهمونهم بإسلاميتها.
و قاموا بوضع خلفية صوتية إنشادية أثناء اللعب، كما يطلق اللاعب التكبيرات بعد تنفيذه لأي مهمة من المهام الموجودة في اللعبة، والمتمثلة في القتل والتفجير للمنشآت واستهداف المواكب والمعابد وغيرها من المهام الموجودة في اللعبة.
«المدينة» بدورها استطلعت آراء مجموعة من التربويين والخبراء النفسيين والتقنيين لمعرفة مدى تأثير هذه الألعاب الإلكترونية على الأطفال وطرق الوقاية منها لحماية الأبناء من الوقوع في براثن الإرهاب من خلالها.
آثار نفسيّة خطيرة
وأوضحت الاستشارية في الطب النفسي الدكتورة إيمان معلا الحربي لـ»المدينة» أن أي شيء يتعرض له الطفل من خلال المتعة والمرح يثبت أكثر من أي توجيهات مباشرة، ولذلك فإن التنظيمات الإرهابية بدأت تعتمد مثل هذا الأسلوب لتحقيق أهدافها.
ورأت الدكتورة الحربة ضرورة مجابهة هذه التنظيمات الإرهابية بنفس الطريقة، فنحن لا نستطيع منع مثل هذه الألعاب ولكن نستطيع أن ننتج ألعابًا أخرى ضدها، فنستطيع إنتاج لعبة يتقمص فيها الطفل دور الجندي الصالح فيحمي دينه ووطنه من المخربين.
وأشارت إلى توفير مثل هذه الألعاب، يعد حماية لأبناءنا ويوجد لهم البديل الصحيح والمناسب، لأن الوعظ المباشر والمحاضرات لم تعد تجدي نفعًا مع أبناء هذا الجيل، منوهة الى إنتاج مثل هذه البرامج والتطبيقات الوقائية للأطفال يعتبر بمثابة الوقاية والتي ينبغي أن نبذل فيها كل ما لدينا ودعت الخبيرة النفسية، كافة الجهات الحكومية والأمنية للمساهمة في إنتاج وتوزيع الألعاب والتطبيقات الألكترونية الهادفة، لبناء جيل واعٍ مدرك لكل ما يحيط به من مخططات تحاك ضد بلده.
وحذرت من أن التنظيمات الإرهابية عادة يستهدفون الأطفال ذوي الميول الانفعالية والحركية ومحبي ألعاب القتال، فيقومون بتحويل مالدى الطفل من قوة وحركة وانفعال إلى إرهاب.
وأشارت إلى أن الأثر قد يستمر بحسب الفئة العمرية فالطفل من عمر الولادة وحتى 6 سنوات يتأثر وبشكل قوي جدًا وهي أخطر مرحلة لأن شخصية الطفل تتشكل فيها، أما من 6 إلى 12 سنة فالتكوين النفسي لدى الطفل في هذه المرحلة يجعله يتأثر أكثر بأصدقائه، ولذلك يجب على الوالدين اختيار الأصدقاء الجيدين الأسوياء لأطفالهم في هذه المرحلة، وتبدأ بعدها مرحلة المراهقة التي لا يمكن للوالدين خلالها تدارك الابن في حال لم يعيروه كل اهتمامهم في المرحلتين السابقتين.
أخطر التطبيقات الألكترونية
ويكشف الخبير التقني فايز الجبوري لـ»لمدينة» أن الأجهزة الذكية بتطبيقاتها المتنوعة والمختلفة قد تستخدم وتستغل من قبل كل من لديه هدف أو رسالة معينة ويريد إيصالها سواءً كان في الخير أو الشر، مشيرًا الى أن الجوال أصبح بمثابة الهوية للشخص حاليًا فعندما نقوم بالبحث في جوال الشخص سنعرف عنه أكثر مما لو فتشناه شخصيًا
وطالب الجبوري أولياء الأمور بالانتباه من عدة برامج أولها «تويتر» لأنه يعتبر المنصة الأساسية التي يستخدمها الإرهابيون لإيصال ما لديهم من إرهاب وإقناع وفكر متطرف، والمملكة أكثر دول العالم استخدامًا لتويتر، وتكمن خطورته في كونه مجتمعًا متكاملًا ولا يمكن حجب شيء فيه.
وأوضح الخبير التقني أن هناك عدة حلول، للحد من خطورة هذا البرنامج، أبرزها المتابعة والرقابة، ومتابعة ابنك ومعرفة الحسابات التي يتابعها، وهذا ينطبق على بقية مواقع التواصل الاجتماعي مثل فيس بوك وانستقرام، أما البرنامج الآخر والقادم بقوة والذي ينبغي الحذر من، فهو «سناب شات»، وميزة هذا البرنامج وعيبه في الوقت ذاته أنه لا يبقي وراءه أثر، فالشركة لا تحتفظ بالمحادثات ولا الصور ولا مقاطع الفيديو التي يصدّرها المستخدمون، فمتى انتهت المحادثة اختفى معها كل شيء كالشبح ولذلك فإن شعار البرنامج هو الشبح.
وقال الجبوري: إن حق الابن وضع رمز سري على جهازه، ولكن يجب أن يعرف الوالدان هذا الرمز وإلا فإن هناك ما يخفيه، وأردف قائلا: «للأسف لا يمكن أن نقوم بحجب هذه البرامج الضارة عن الأبناء ولكن هناك مجموعة خطوات تقنية محددة نستطيع من خلالها حماية ابنك وجعله يأخذ المفيد فقط من هذه البرامج»، مشيرًا إلى أن أفضل خيار هو قيود المملكة لأنها تراعي تقييد المواقع الإباحية والمواقع ذات الفكر الضار بالإنسان والمجتمع والدين مثل الإلحاد والخوارج وغيرها».
وحذر الخبير التقني من استخدام بعض الشباب لما يسمى بالانترنت المظلم أو الانترنت الخفي، الذي يستخدم فيه الشاب محركات بحث ومتصفحات غير معروفة، مؤكدًا أن الانترنت الخفي يشهد تناميًا مستمرًا وانتشارًا سرطانيًا حيث يقدر خبراء تقنيون نموه حاليًا بأكثر من 3 أضعاف النت الظاهر.
أبرز الحلول التربوية
وأكد الخبير التربوي سفر الزهراني أن ثورة التقنية الرهيبة والمتسارعة اقتحمت بيوتنا، وتم استغلالها من قبل هذه التنظيمات الإرهابية للوصول إلى أبنائنا وشبابنا.
وأشار الزهراني إلى وجود تغير كبير في التربية منذ أن دخلت ثورة التقنية إلى الجوالات وأصبحت في متناول الصغير قبل الكبير.
وأوضح أن الحل المبدئي إن أراد الوالدان حماية أبنائهما والعودة إلى دفة قيادة سفينة المنزل يتمثل في تعلم الأب أسرار هذه التقنية لحماية أسرته، ومتابعة أبنائه متابعة من قريب، وألا يضع الابن رقمًا سريًا لجواله وإن وضع فيكون الأب والأم يعرفانه.
ونصح الخبير التربوي الأب بألا يحرم أبناءه من جلسة تربوية يومية لا تقلّ عن ساعة كاملة تخصص بعضها للحوار والمناقشة، وأن يجعل أبناءه يشاركونه حلول التخلص من مخاطر الجوال والحماية من مواقع التواصل الاجتماعي.
وقال الزهراني في ختام حديثه: «لابد أن يتحكم الأب في قيود الهاتف فهي مسؤوليته لوحده ولا تقل عزيزي الأب أنك تعطي الثقة لولدك فأنت ستمنح الثقة في الذئب (الجوال) عند الفريسة (ولدك) فاحذر وكن فطنًا».