د. مزنة مبارك الجريد – الرياض السعودية-
إن مواجهة الانحرافات السلوكية والفكرية للأبناء تتحقق من خلال تفعيل دور الأسر في مراقبتهم واختيار الصحبة الصالحة والبعد عن أصحاب السوء وتجريم كل فكر وتشويش يؤثر على سلوكياتهم من خلال مقت كل عمل يخل بأمن الأسرة والمجتمع والوطن وحثهم على التطور الفكري لا المفهومات الخاطئة التي تهدد مستقبلهم وحياتهم ووطنهم وذلك من خلال تربية خالية من كل الشوائب الفكرية الهدامة التي تقوم بها بعض الأسر للأسف ويتشربها الأبناء بطريقة لا شعورية عندما يجد أسرته تشجع بعض التيارات المنحرفة والمشبوهة، إضافة إلى أن بعض الأسر تكون شريكة في انحراف أبنائها عندما تتغاضى عن أفكار أبنائها المنحرفة والتي بتغاضيها هذا تحولها لقنابل موقوتة تنتظر من يلقي بها في وجه المجتمع.
وبما ان مواقع التواصل الاجتماعي قد تسللت لكل بيت فإن أسلوب التربية يحتاج لإعادة نظر من أولياء الأمور لأن البعض أصبح يوكل تربية الأبناء للغير مما سهل انحراف الأبناء لافتقادهم القدوة كما لابد ان تقوم الأسرة بتنوع أساليبها التربوية، وأن تأخذ الأبناء بالحوار، وتعطي مساحة من التفاهم الفعال بين الآباء والأبناء. والتخلي عن أساليبهم الاستبدادية تجاه الأبناء والعمل على التعامل معهم بطرق أكثر تناسباً مع المعطيات الحضارية الحديثة.
وإنصافا للأسرة وحتى تقوم بدورها على الوجه الأكمل لابد من أهمية النهوض بالأسرة على اعتبارها نواة المجتمع، وتحتاج إلى اهتمام كبير ورعاية شاملة وتنشئة سليمة وصحية لأبنائها في مختلف مجالات الحياة، تمكنها من التفاعل مع متغيرات العصر، وتحافظ على قيمتها الإنسانية وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي لها ولكل فرد فيها مما يحقق لها الشخصية السوية ووقايتها من كافة أشكال الانحراف السلوكي.
وتوفير الدعم المادي لما يضمن حياة كريمة لأفراد الأسرة يأتي من خلال التخطيط للدخل والإنفاق بما ينفعها، وكذا تأمين المستقبل بتوفير جزء من الدخل.
وبما أن مشاكل الأسرة تتمحور في المراحل الانتقالية من عمر الأبناء فلا بد من التركيز وتقديم الإرشاد الأسري اللازم، وتصحيح المفاهيم الأسرية والمجتمعية الخاطئة حول الانحرافات الفكرية كما يتم تدريب الأسرة على العمل بمبدأ الوقاية من خلال التشجيع على الرقابة الذاتية النابعة من المعتقدات الراسخة والصحيحة، وتربية أفراد الأسرة على المكاشفة والصراحة وثقافة الحوار والاختيار الذاتي وتحمل المسؤولية وتفعيل التدريب لأهميته من خلال التوعية حول إمكانية التدريب على خصائص الأسرة الناجحة.
والتأكيد على دور الاستشاري النفسي والاجتماعي المهم في توعية الآباء بكيفية تعاملهم مع وسائل الاتصال الجديدة وذلك من خلال برامج توعية، وإعطاء الأبناء الشعور بالقوة وتحصينهم ذاتياً ضد سلبيات وسائل التقنية الحديثة.
ومن خلال ذلك كله نجد الأسرة الايجابية القادرة على الحسم في تحقيق حصانة الأفراد، فأسلوب الرقابة التقليدي الذي يعتمد على المنع التام والحرمان من الاستخدام لم يعد مجدياً، بل على الوالدين تحسين أنفسهم بتفهم لغة العصر وكيفية التعامل مع التقنية، وإعداد النشء للمستقبل دون فرض أو ترهيب.