عبدالمحسن يوسف جمال- القبس الكويتية-
في كلمته التي القاها وزير التربية، وزير التعليم العالي د. بدر العيسى في منظمة الامم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) المنعقد مؤتمرها في باريس مؤخرا، التفت الى قضية في غاية الاهمية غفل عنها الكثيرون، وهي حماية اطفالنا من تبعات العنف الذي يحدث حولنا.
هذا الطرح الراقي لمرب فاضل انتبه الى انعكاس ذلك على النشء، ودعا العالم كله الى الانتباه الى تأثيرات العنف في الاطفال وضرورة ترسيخ مفهوم تربية السلام وارساء ثقافة سلام للحفاظ على قيمة الانسان وكرامته.
يمتاز السيد العيسى منذ تسلمه حقيبة التربية والتعليم العالي بهدوئه واسلوبه المتميز في تناول القضايا الشائكة، والعمل على حلها باسلوب تربوي بعيد عن التشنج والمغالاة.
صحيح ان هذا الاسلوب قد يأخذ وقتا اطول، ولكنه يحقق نتائج افضل ويعود بالخير على المجتمع كله.
حديث الوزير امام المؤتمر التربوي العالمي وطرحه لمفهومي العنف والسلام وانعكاسهما على الاطفال، دليل على ادراكه لهذين الامرين، وانهما ليسا مشكلة محلية فحسب، بل انها اصبحت احدى القضايا المؤرقة لكل تربويي العالم قبل سياسييه.
ولعل اطفالنا يستمعون يوميا الى كم هائل من اخبار العنف والكوارث والحروب والتطرف مما يؤثر فيهم سلبا ان لم نبادر الى افهامهم وباسلوب تربوي سليم الى كيفية مواجهة ذلك، والتعامل معه من منطلق المحبة والسلام، وهذا دور يجب ان تقوم به المؤسسات التربوية بشكل مدروس ومنظم، سواء على مستوى التعليم المحلي لكل دولة او على مستوى المؤسسات العالمية بشكل اوسع.
فالطفل مادة خامة يمكن ان تساعده التجارب من حوله على تخطي كل العقبات او،
لا سمح الله، الى السقوط والتراجع.
ولا يتصور احدنا اننا اذا ربينا اطفالنا على كره الآخر سينشأ الطفل يبغض الآخر فقط، بل ان زرع البغض في نفسه سيجعله يوما ما يبغض نفسه ايضا.. فضلا عن المقربين اليه!
ولعل ما يحدث من قتال بين الاطراف المتطرفة نفسها، او ما نسمعه في بعض المدارس والجامعات العالمية من قيام بعض الطلبة بالاعتداء بعضهم على بعض هو خير دليل ان مشاهدتهم للعنف وتوجيههم اتجاها محددا لكره الآخرين، سينعكس بالضرورة فيما بينهم، وعلى انفسهم ايضا، وما التخلف الدراسي، وتخريب الممتلكات العامة والاعتداء على الناس في تجمعاتهم ما هو الا سبب لاشاعة العنف في المجتمع كله.
ولعل المثل المعروف «من حفر حفرة لأخيه وقع فيها»، هو احد مصاديق هذا الامر وتجربة عرفها الاولون من خلال الممارسة الحياتية.
وكذلك الآية الكريمة «استكبارا في الارض ومكر السيئ ولا يحيق المكر السيئ الا بأهله فهل ينظرون الا سنّة الاولين فلن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا» فاطر (43). وهي واحدة من هذا التعليم الرباني للبشر.
وبالتالي.. علينا ان نضع أيدينا معا لدعم الجهود التي يقوم بها اليونيسكو في عالم تعصف فيه الكوارث وتنتابه الازمات والحروب والتطرف، حيث يمثل الاطفال اولى ضحاياه الاكثر هشاشة وعرضة لآثارها الجسدية والنفسية على حد سواء، كما عبر العيسى.
فشكرا لوزير التربية والتعليم العالي على حسه الانساني الراقي، وشكرا على اثارته هذا الموضوع امام اكبر محفل تربوي عالمي.
وشكرا على اسلوبه الهادئ في الاقتراب من المشاكل التربوية المستعصية وحلها باساليب تربوية، لنتجنب اي انعكاسات ضارة، متمنيا من اللجنة التعليمية في المجلس التعاون معه لما فيه صلاح اطفالنا وتجنيبهم سلبيات الاوضاع الشائكة في عالم تكثر فيه اخبار العنف والتوتر.