مشاري الذايدي- الشرق الاوسط-
في منتصف عام 2013 تناقلت بعض مواقع الإنترنت خبًرا خفيًفا عن تهديد مسؤول كبير في الطيران الروسي بأن لدى بلاده خطًطا معدة سلًفا لضرب الرياض والدوحة٬ وذلك على خلفية موقف المملكة الداعم للأزمة السورية٬ وذلك٬
كما زعم الخبر حينها٬ بسبب تحالف السعودية وقطر مع أميركا. لاحًقا وصف مسؤول سعودي هذه الأخبار بأنها مجرد «خزعبلات» ليس لها مصدر حقيقي.
هذه الأيام ثمة «خزعبلات» ثانية يتم تداولها عن تهديدات روسية للسعودية٬ ولا ندري جوهر السبب هذه المرة٬ لكن يزعم أنه بسبب غضب الروس من «دعم السعودية للإرهابيين في سوريا».
هذه الخزعبلات تندرج تحت عنوان الحرب النفسية٬ أو ربما أمنيات بعض أعداء السعودية٬ وهم من صنوف شتى٬ التي يجعلونها وقائع على الأرض.
الروس أصيبت رؤوسهم بالكدمات الحادة لأول مرة منذ دخلوا على مسرح السياسة العالمية على طريقة «القبضاي» فلاديمير بوتين٬ بعد صدمة أو «طعنة» إسقاط الأتراك للطائرة الحربية الروسية.
بعد انطفاء حرارة التصريحات الحربية الكبرى٬ وبعد أن أعلن الناتو التزامه نحو عضو الناتو تركيا٬ تراجعت الحماسة قليلاً ولمست الأقدام الروسية أرض الواقع.
تحدث وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف عن أن بلاده لن تعلن الحرب على تركيا٬ وأن العلاقات مع الشعب التركي لن تتغير٬ وبعد إلغاء لقاء كان مقرًرا له مع نظيره التركي٬ أعلنت الخارجية التركية أن اللقاء سيتم خلال أيام.
الحال أن الموقف الروسي أكثر حرًجا مما توحي به التصريحات الحادة والافتخار العسكري٬ الواقع على الأرض في سوريا والشرق الأوسط أكثر تعقيًدا من أن تحسمه السوخوي الروسية.
هناك حقائق تتعلق بالتاريخ والوزن المعنوي للسعودية ولبقية العرب السنة٬ لا تقدر روسيا٬ كما زعم٬ على محوها بقذائف الطائرات أو الصواريخ القارية من بحر قزوين.
السياسة في نهاية الطريق هي الحل. ولا يمكن القفز على حقيقة تقول إن هناك توتًرا دينًيا وثقافًيا يعصف بمنطقة الشرق الأوسط٬ وإن تعملق «داعش» في جانب منه هو انعكاس لهذا التوتر الشديد.
السعودية قبلة المسلمين٬ نصيرة العرب وحائط الصد ضد غزوات إيران٬ وقوة استقرار كبرى في العالم٬ وزن اقتصادي ضخم٬ وليست جزيرة نائية في المحيط المتجمد حتى تهدد روسيا أو غيرها بقصفها٬ هذا أكثر من هراء٬ هذا خبل.
لو يعقل العاقلون٬ فإن الحاجة للدعم السعودي في أزمات الشرق الأوسط٬ ينبغي أن تكون هي البوصلة الصحيحة لأي سياسة عالمية رشيدة.