أ. د. رشود بن محمد الخريف- الاقتصادية السعودية-
بوجه عام، يقع اختطاف الأطفال – أحيانا - من قبل أحد الأقارب بهدف انتزاع الحضانة ونحوها، وأحيانا أخرى يقوم به أشخاص غرباء بغرض الحصول على فدية، أو الاعتداء الجنسي، أو التبني غير الشرعي، أو الاتجار بالبشر. وتختلف دوافع اختطاف الأطفال من دولة لأخرى، تبعا للمستوى الأمني السائد، وطبيعة المجتمع والعقوبات المقررة لجرائم الاختطاف والاغتصاب.
لقد فجع المجتمع السعودي باختفاء جوري الخالدي ذات العامين ونصف العام، وأصبح اختفاؤها لغزا محيرا ومجالا خصبا للتكهنات وطرح تساؤلات كثيرة، منها التساؤل عن: كيف تصل الجرأة بإنسان أن يقدم على اختطاف طفلة صغيرة من مركز صحي في مدينة الرياض؟! وازدادت حيرة الناس وآلامهم من تكرار مثل هذه الحوادث المؤلمة في مناطق مختلفة خلال السنوات الأخيرة، فقد أشارت الإحصاءات إلى حدوث أكثر من عشر حالات اختطاف شهريا في المملكة. لا شك أن هناك غيابا أو شبه غياب للتوعية بأسباب وأخطار الاختطاف، وكذلك بالعقوبات التي تنتظر من يقدم على مثل هذه الجرائم البشعة. فهل سمعتم – أعزائي القراء – عن مدرسة تقوم بتوعية طلابها بجرائم الاختطاف والاغتصاب؟ لا أعتقد أن هذا الموضوع يدخل ضمن الموضوعات ذات الأولوية لدى مدارسنا!
وهناك من يدعي أن عقوبات اختطاف الأطفال في المملكة ليست بالشدة الكافية لردع الآخرين عن ارتكاب جرائم العنف ضد الأطفال، لتوضيح ذلك أشير إلى قرار هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية رقم 85 وتاريخ 11/ 11/ 1401هـ الذي نصه: "إن جرائم الخطف والسطو لانتهاك حرمات المسلمين على سبيل المكابرة والمجاهرة من ضروب المحاربة والسعي في الأرض فسادا المستحقة للعقاب الذي ذكره الله سبحانه في آية المائدة، سواء وقع ذلك على النفس أو المال أو العرض، أو أحدث إخافة السبيل وقطع الطريق، ولا فرق في ذلك بين وقوعه في المدن والقرى أو في الصحاري والقفار, كما هو الراجح من آراء العلماء - رحمهم الله تعالى. وبناء عليه، فإن جريمة الاختطاف تعتبر من جرائم الحرابة والإفساد في الأرض التي تدخل في قوله تعالى: (إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم). ومن أسباب زيادة الاختطاف تردد الأهل لرفع القضية للمحاكم خوفا في الفضائح، وفي حالات معينة تحمل الفتاة جريمة غيرها ويتبرأ منها الأهل، وهذه أسوأ ما يمكن أن يحدث للضحية البريئة.
وللحد من اختطاف الأطفال أقترح التالي:
1 - زيادة الوعي لدى الأطفال بضرورة عدم الحديث مع الغرباء وعدم الذهاب معهم مهما كانت الأحوال.
2 - رفع مستوى الوعي لدى الطلاب والطالبات في المدارس بمراحل التعليم المختلفة بأسباب الاختطاف وآثاره النفسية والصحية والاجتماعية وكذا العقوبات الشرعية لمن يقدم على جريمة الاختطاف.
3 - زيادة الاهتمام بالثقافة الجنسية في التعليم العام وإدخالها بجرعات مدروسة ضمن الأطر الإسلامية وقيم المجتمع.
4 - زرع مزيد من الكاميرات الأمنية في مختلف أرجاء المدن وميادينها العامة وإلزام المراكز الصحية والمحال التجارية - صغيرة أو كبيرة - بوضع كاميرات على أبوابها الخارجية ومداخلها الرئيسة، ما سيزيد من إجمالي الكاميرات في المدن، ومن ثم يحد من ارتكاب الجرائم.
5 - إلزام مصنعي السيارات بوضع كاميرات للتصوير الأمامي من أجل توثيق ما يجري أمام السيارة من مخالفات وجرائم يرتكبها صاحب المركبة أو الآخرين، ما سيحد من المخالفات وسيسهم في ملاحقة المتهمين بجرائم.
6 - عدم التساهل في التعامل مع حالات المعاكسة في الأماكن العامة كالأسواق والشوارع، فمن الواجب أن تطبق عقوبات شديدة مماثلة كما في دول مجاورة، ففي الإمارات العربية – على سبيل المثال - يتم الإعلان عن "المعاكس" بوسائل الإعلام وجلده في السوق أمام الناس.
وفي الختام، أعلن عن الرغبة في تأسيس "الجمعية السعودية لمكافحة العنف ضد الأطفال"، فمن لديه الرغبة في المشاركة بالدعم المادي أو المعنوي أو المشاركة في لجانها التأسيسية التواصل من خلال البريد الإلكتروني.