عكاظ السعودية-
أكد لـ «عكاظ» الباحث الأكاديمي والمختص في القضايا الاجتماعية الدكتور خالد الدوس، أن خطف الأطفال يشكل كارثة دينية وأخلاقية، لافتا إلى أن هذه الجريمة تحولت إلى ظاهرة عالمية تعاني من إرهاصاتها المجتمعات البشرية سواء المتقدمة أو المتخلفة، إلا أن معدلاتها وأرقامها ونسبها تختلف من مجتمع إلى آخر طبقا للوعي المجتمعي والعمق الحضاري والبعد الثقافي.
وأضاف، تعكس هذه الجريمة في اتجاهاتها اللا إنسانية مأساة هؤلاء الأطفال الأبرياء الذين يتم خطفهم، وبالتالي يتحولون إلى سلعة تجارية فيما عرف اصطلاحا بـ «الاتجار بالبشر» بما تتضمنه من أعمال غير مشروعة كالتهديد أو استخدام القوة وغيرها من أشكال الإكراه أو الغش، كما يتم هذا الاستغلال من خلال إجبار الضحية على أعمال غير مشروعة.
وطبقا لإحصائيات منظمة حقوق الطفل العالمية، تصل تجارة الأطفال على مستوى العالم إلى 1.2 مليون طفل، يشكلون مادة تجارة الرقيق سواء باستخدامهم للتبني أو في الاستغلال الجسدي، أو التسول، أو تجارة الأعضاء البشرية.
وتؤكد الإحصائيات أن شبكات التجارة بالأعضاء البشرية تزهق (سنويا) أرواح آلاف الأطفال سواء بالقتل العمد أو من خلال إجراء عمليات جراحية لنزع بعض أعضائهم في ظروف لا تتوفر فيها الشروط الدنيا للسلامة، وهذه الآفة الاجتماعية التي يندى لها جبين الإنسانية تعتبر كارثة أخلاقية ودينية وقانونية ونفسية وثقافية بكل المعايير المجتمعية، وصارت بالسياق ذاته تشكل جريمة متفاقمة لكثير من دول العالم وبالذات في المجتمعات العربية التي تعاني من مشكلات أمنية، وصراعات سياسية، وأزمات اقتصادية، وتقلبات اجتماعية.
ويستطرد د. الدوس: الأكيد أن قضية خطف الطفلة (جوري الخالدي) داخل أحد المراكز الطبية الأهلية واختفائها عن أسرتها عدة أيام إلى أن تم العثور عليها بفضل الله، ثم بجهود ويقظة رجال الأمن، والقبض على مرتكبي الجريمة من جنسيات مختلفة، تعتبر حادثة (دخيلة) على مجتمعنا السعودي المحافظ، خاصة أن هذه القضية الإجرامية التي أثارت الرأي العام، وتفاعلت مع إحداثها وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي لدرجة دفعت عددا من النشطاء في عالمهم الافتراضي إلى إنشاء صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي لمساعدة ذويها في التوصل إليها، وربما تكون دوافع الجريمة (ابتزاز) أسرة الطفلة المخطوفة للحصول على مبلغ مالي مقابل إعادتها، وقد تكون أيضا بدافع (التبني) غير القانوني، حيث يقوم الخاطف بسرقة الطفل وتربيته ومن ثم بيعه، وقد يكون الدافع الأكثر انتشارا عالميا بعد المخدرات وبيع الأسلحة.. جريمة (الاتجار بالبشر). وحتى لا تتكرر حالات سرقة الأطفال في مجتمعنا وتتسع دائرتها الإجرامية، يؤكد د. الدوس على ضرورة توعية الأسرة ورفع سقف التنوير بعدم إغفال أطفالهم والانشغال عنهم، وتركهم دون رقابة في الشوارع أو الأسواق والمواقع الترفيهية وغيرها من الأماكن العامة.