عماد بن محمد العباد- الرياض السعودية-
قبل عدة سنوات، خرج أحد المشايخ العرب في حلقة تلفزيونية بعنوان "مفاهيم الولاء والبراء"، تحدث فيها عن أنه لا بأس في أن يحب المسلم غير المسلم. اتصل على البرنامج شاب يدعى "متعب" من السعودية وأنكر على الشيخ بصوت متشنج هذا الرأي، قال: "إن الشيخ لم يذكر ولو مرة واحدة كلمة كره أو بغض!، وأضاف "بأنهم لو كانوا يطعموننا (أي غير المسلمين) ليلاً ونهاراً وسراً وجهاراً فإن الأصل هو كره الكافر، وقد تعلمنا من الكتب التي لدينا أن كره الكافر يسري في دم المؤمن ولا يكتمل إيمان المؤمن حتى يبغض الكافر بغضاً تاماً". وطالب الشيخ بدليل واضح وصريح على جواز حب الكافر.
رد عليه الشيخ بأن الحب المنهي عنه لغير المسلمين هو الحب في الدين، أما البغض بهذا التعميم فغير صحيح، وأورد الشيخ عدة أدلة منها محبة النبي عليه الصلاة والسلام لعمه أبي طالب والتي أثبتها القرآن "إنك لا تهدي من أحببت"، وبكاء النبي عند زيارته قبر أمه والبكاء من المحبة، وكذلك حبه لأبي طالب وحبه لعقيل لأن أبا طالب يحبه «يَا أَبَا يَزِيدَ،إِنِّي أُحِبُّكَ حُبَّيْنِ حُبًّا لِقَرَابَتِكَ، وَحُبَّا لِمَا كُنْتُ أَعْلَمُ مِنْ حُبِّ عَمِّي إِيَّاكَ»، وكذلك أن الله أجاز للمسلم زواج الكتابيات، ولا يمكن أن نتصور زواجاً بدون حب.
من مداخلته يبدو أن المتصل "متعب" طالب علم، استقى الكثير من الكراهية والبغضاء التي يتكلم عنها من أشخاص يحملون ذات التوجه، ويردد ذات الكلام دون أن يعرضه للتحليل، وأثق تماماً أنه لم يقتنع بأدلة الشيخ، وإن كانت قد أحدثت أدنى شك لديه فسيذهب إلى ذات الأشخاص الذين استقى منهم تلك الكراهية ليفندوا الأدلة التي ذكرها الشيخ.
وبالمناسبة ليس "متعب" حالة شاذة بل الأغلبية الساحقة تتحفظ كثيراً على إظهار تعاطف أو محبة تجاه الآخر، وتعالَ لترى الجدل الذي يدور عندما يظهر أحدهم تعاطفاً مع غير المسلمين في حالات الكوارث. هذا الشعور بالكراهية للآخر متجذر في دواخلنا وهو نتيجة لسنوات طويلة من خطاب الإقصاء والكراهية الذي تربينا عليه، وهو أيضاً البذور التي تنمو منها النزعة تجاه الإرهاب واسترخاص الدماء.
بداية الحل تكمن في رفع الصوت المتسامح المتقبل للآخرين المختلفين عنا، أما أولئك الذين تجذرت فيهم الكراهية إلى درجة مستعصية، فلا يجدي معهم إلا قوة القانون، وربما يكون سن قانون يجرم الطائفية والخطاب الإقصائي هو الرادع لمثل تلك الأصوات المحرضة على الكراهية، ولعل ذلك يكون قريباً.