شريفة الشملان- الرياض السعودية-
ما بين الكلمة والكلمة، تمتد حبال أمل، هذه الحبال نحكيها ونحيكها، غرزة غرزة، لنعيد بناء الوطن ونرتق ما تقطع، من الغيمات لنجني مطرا نقيا نصبه على هذا الوطن، فيغسل وجهه من أدران علقت به.
له في رقبتنا دين وحب، وله قبل هذا وذاك ولاء. عندما نحس أصوات قضم فئران سد مأرب لحباله، لابد أن يتعكر صبحنا ومساؤنا، حتى نقضي عليها قبل ان تقضي علينا.
لا يجب ان نكون كالغزالة التي كذبت رؤيتها للصياد، وكذبت رائحة البارود حتى وقعت ميتة..
سمعنا اصوات القضم، ورأينا الصياد وشممنا رائحة البارود، فماذا بقي، هل بقي أن نتحسس أجساد بعضنا وهي مرمية على الطرقات؟!
لابد من إسكات اصوات الفتن قبل أن تسكتنا، ولابد من المحافظة على امن وأمان كل مواطن، في بيته وفي الشارع وفي مسجده، وفي عمله، فالأمان هو الحياة الكريمة بكل معانيها.
مدرسة للطلاب وتطبيب للمرضى وعمل يكفي صاحبه الحاجة ولحياة جيدة، كل ذلك لا يتوفر إلا في ظل الأمن، الرخاء لا يدوم إلا مع دوام التنمية واستمرارها، فالنخلة تحتاج لماء وسماد ونور شمس، الشمس تحتاج لمن يحميها ويدع نورها يدخل كل منزل..
لم يعد الكلام همسا مجديا، نحن بحاجة لمواجهة صريحة وواضحة مع كل مكوناتنا وسنراها جميلة وستكون عضدا كالبنيان المرصوص، متى ما عرفنا كيف تكون التربة الصالحة، وكيف تكون الأسس نقية وقوية وهذا ما يجعلنا نعيد حساباتنا وندرسها جيدا، وأول هذه الحسابات هو ثقافة الاختلاف، نعم نختلف ولكن نتعاون، كنا متعايشين بجمال ومجاورة وعمل ودراسة.
ومن ثم تعلمنا ودرسنا في أماكن مختلفة ديناً ولغة، انبهرنا، ومن خلال انبهارنا كنا نتعلم أن الخالق واحد وهو من أبدع في خلقه، وهذا الإبداع هو الذي أهّل الناس لتتكاتف وتتعاون وتعمل، فريق العمل وفريق الدراسة كان يضم أكثر من جنس ولغة، وكان يسير بقوة يدفعه حب الطموح والنجاح، فلمَ لا يكون ذلك على مستوى الوطن؟
هل هناك أردية ووجوه نرتديها خارج الوطن ثم نخلعها؟!
هنا في الشرقية تعددت الوجوه والألوان واللغات، منذ أن تدفق النفط وأتت شركة أرامكو، ومن ثم تبعها الكثير، لم يبدر أي شيء ضد من يخالفوننا معتقداً ولونا ولغة، والكل يترزق ويعمل، قبلنا الهندوسي والبوذي وكثيرا من الملل والطوائف بل واللاديني، تعايشنا مع مسيحيين وصادقناهم، عموما هم ليسوا بغرباء عنا عرفناهم من الوطن العربي في العراق والشام وفي مصر، بلغة واحدة ودين مختلف، بل حتى كان نشيد (بلاد العرب اوطاني) يحوي بيتاً يقول
(لسان الضاد يجمعنا بإنجيل وقرآن).
فكيف بنا ونحن مسلمون في وطن واحد وتاريخ واحد وبيئة واحدة نتصارع؟
عفواً: إن تفرقت المذاهب فالوطن يجمعنا..