فاطمة آل تيسان- الوطن السعودية-
يتخذ البعض من شعار الوطنية معبرا لتمرير كثير من أفكاره غير المقبولة والمبنية على التشكيك في ولاءات الآخرين وصدق إخلاصهم لوطنهم، آخذا من الاختلاف المذهبي أو الفكري حجة له، وإن كان هذا النهج مكشوفا وملاحظا مهما توارى إلا أنه حصد أتباعا كثيرين، وذلك بفعل الغذاء الفكري النوعي الذي يتلقونه بطرق مختلفة، كخطب ومحاضرات وتسجيلات صوتية في فترة ما، لتحل بدلا منها في هذه الفترة وسائل التواصل بتنوعها وانتشارها.
وإن كانت تلك الفئة حددت نوعية معينة بهذا الشحن، غير أنهم لا يخرجون عن مبدأ الاختلاف عنهم إما فكريا أو مذهبيا، وإن كان هناك نتاج لهذا الشحن إلا أنه ثبت زيف الشعار المتخذ له وهو الوطنية، وعلى الاختلاف في مفاهيم الوطنية إلا أن المواطنة تتعاكس مع فكرتهم، فهي ترتكز على حب الوطن والإخلاص له مع البعد عن إثارة ما يشيع الفرقة بين أبنائه تحت أي مسمى.
ولو قسنا معدلات الولاء عند كل فئة تحمل فكرا معينا فسنجدها أقوى عند أولئك البسطاء الذين عاشوا حياتهم، عادّين الأرض هي العرض والشرف، تذهب دونها الرقاب، وهم هنا لا يحتاجون إلى أن نذكي فيهم ذلك الأمر، فالمواطنة مختلطة في دمائهم، من يحتاج أن يغير فكره حول شكل التعبير عن محبة وطنه هم المتطرفون والمغالون الذين تجاوزوا الحد في إظهار الحب للوطن إلى إقصاء المختلف وإبعاده مهما كان إخلاصه.
ولأن للبعض من أرباب هذا التوجه تأثيرا، فإنهم يجعلون من الأيديولوجيا أو المذهبية مقياسا للكفاءة حتى في العمل، ومنطلقا في توجيه شكل العلاقات بين الزملاء، وهنا تبرز إشكالات لا حصر لها.
ما سيكون جميلا وأكثر صلاحا لوطننا، لو أن معدل الوطنية لدى هؤلاء يرتفع حتى يعادل ذلك الحس الطائفي العالي لديهم، لحظتها أراهن أننا سنكون أكثر شعوب الأرض حبا وأمنا وسلاما، فإضافة إلى منطلقنا الديني هناك الأصالة الراسخة التي تتدخل حتى في عواطفنا وعلاقتنا ببعضنا، ولو عدنا إلى الوراء سنوات سنشهد صور التعايش السلمي الآمن بين جميع الطوائف والانتماءات.