يوسف القبلان- الرياض السعودية-
قد ينجح الإرهاب في قتل الأبرياء العزل، وقد ينجح في إشعال الجدل بين الناس، فينجر البعض إلى التبرير والمقارنات، ونظرية المؤامرة، ويسيطر عليهم الشك في كل شيء، لكن هذا الإرهاب بأي مسمى ومهما كان فكره وتمويله لن يصمد أمام قوة القيم الإنسانية الجميلة، الأمن، والسلام، والتعايش، والبناء. ولن يصمد أمام تضامن دولي فكرياً وأمنياً. لن يصمد الإرهاب على المدى البعيد لأنه ضد الأديان، والحياة، والحضارة الإنسانية، وحالة شاذة ترفضها كل القوانين.
حالة ناتجة عن فكر متطرف، وهو تطرف موجود في كل مكان، في الشرق والغرب، في الشمال والجنوب، وبالتالي هو خطر على الجميع. يستدعي هذا الخطر الجدي قيام تضامن إنساني عالمي لا يكتفي بالتنديد والشعارات والمسيرات. التضامن المطلوب يبدأ بخطوة رفض ربط الإرهاب بأي دين أو دول ثم العمل على إيجاد تنظيم أمني يحقق التعاون الاستخباراتي، والعمليات الاستباقية التي تحبط مخططات المنظمات الإرهابية. التضامن العالمي يجب ألا يكتفي بالتعامل مع أعراض الإرهاب ونتائجه، لا بد من تضامن يبحث عن الجذور، عمن يصنع الفكر المتطرف ومن يحرض على الإرهاب، ومن يمول، ومن ينفذ. لا بد من ميثاق عالمي لمكافحة الإرهاب لا يكتفي بملاحقة ومعاقبة الفئات السابقة، بل يلاحق بالقانون حتى من يبرر العمليات الإرهابية وقتل الأبرياء.
إن ربط الإرهاب بدين معين أو جنسية معينة ومحاصرة من ينتمي إليها بالشكوك والاتهامات هو رد فعل انفعالي موقت لا يخدم مشروع مكافحة الإرهاب. أما القانون الذي يطبق على الجميع، والإجراءات الأمنية التي تهدف إلى تحقيق الأمن للجميع فهذه ضرورة أمنية ومن حق بل من واجب كل دولة أن تتخذها مهما قيل عن تقييد الحريات واقتحام الخصوصيات لأن الأمن قبل كل شيء. ومن مقتضيات الأمن العالمي أن يتضمن قانون التضامن العالمي ضد الإرهاب تجريم ازدراء الأديان.
يجب الاعتراف أن التضامن العالمي ضد الإرهاب لم يتحقق بالشكل المطلوب، وأن الجهود المبذولة تصطدم بالتناقضات والمصالح السياسية. التضامن يتطلب وجود الرغبة الصادقة في القضاء على الإرهاب كهدف عالمي متفق عليه. هذا الهدف المشترك سيوفر القدرات والإمكانات العسكرية والتقنية واللوجستية الكافية لمحاصرة الإرهاب والقضاء عليه في كل مكان. لو حصل هذا التضامن ونتج عنه ضرب حقيقي لمنظمات الإرهاب لما تمكنت منظمة مثل داعش أو غيرها من الصمود رغم قصفها من دول عظمى!!
التضامن سيمنع وصول الأموال والسلاح إلى المنظمات الإرهابية، ويمنع تمددها، ويمنع نشاطها الإعلامي، ويمنع الفكر الذي يؤازرها ويبحث عن المبررات التي تسوغ أعمالها الإرهابية. التضامن الدولي الحقيقي ضد الإرهاب سيضع حداً لنظرية المؤامرة لأنه سينطلق من أساس إنساني تتفق عليه كل الأديان.