مريم الشروقي- الوسط البحرينية-
البعض يردّد كالببغاء ما يسمعه عبر وسائل الإعلام والمجالس والمنتديات الثقافية بشأن موضوع الوحدة الوطنية، ففي حين يتكلّمون عن الوحدة الوطنية، نجدهم في نقيض عمّا تتفوّه به ألسنتهم، والأدلة كثيرة في هذا الموضوع لا حصر لها.
الوحدة الوطنية، ما هي؟! وما أسبابها؟! وما نتائجها التي سترجع على المجتمع؟!
الوحدة الوطنية ليست جملة إنشائية لنتغنّى بها، ولكنّها جملة تحتاج إلى تطبيق على الواقع، وليس هذا فقط، بل هي نتيجة لأسباب كثيرة، من أهمّها القبول بالتعايش مع الآخر، وأيضاً القدرة على ردم الطائفية وسياسة الشتم والسب والقذف نحو مكوّن من مكوّنات المجتمع.
في الوحدة الوطنية هناك الجميع سواسية، والجميع يعملون وينشغلون من أجل الدولة، وليس من أجل الطائفة، وعن طريق الوحدة الوطنية سنجد بأنّ المجتمع يعزّز جبهته الداخلية، ولكن للأسف الشديد ما زالت هناك أصوات شواذ تسعى إلى التقسيم والطأفنة باسم الوحدة الوطنية.
فيقولون نريد الوحدة الوطنية ولكن ليس مع الخونة! مصطلح الخونة تحت أي معنى؟! هل الخونة الذين يطالبون بالإصلاح؟! أم الخونة من يختلفون معنا في المذهب والعقيدة؟! أم أنهم المنافقين والفاسدين وفئة المتمصلحين؟!
كل يغنّي على ليلاه، وكل يفسّر الوحدة الوطنية بالطريقة التي تناسب أهوائه، وما تحتاجه الدولة هو مصطلح واحد وموحّد لجميع أطياف المجتمع، مصطلح يقضي على الطائفية البشعة التي ارتسمت معالمها واضحة في السنوات الأخيرة.
ليست البحرين فقط من تعاني من تلك الأصوات النشاز، بل أنّ الخليج والشرق الأوسط هو الآخر في دوّامة التقسيم وعدم المطالبة بالوحدة الوطنية، فالبعض يقرّر الوحدة الوطنية على أساس المذهب والبعض على أساس الطائفة، والبعض على أساس العائلة، ويذهب كثير من الناس بعيداً عن أساس مهم وهو الدولة.
دولة المؤسسات هي دينك لك ولكن الوطن للجميع، فما دخل ديني وعائلتي في التفريق بين أبناء الوطن الواحد، لا نعتقد بأن هذه معوّقات لعدم إذابة الطائفية، ولتحقيق ذلك، لابد من دمج طبقات المجتمع ببعضها بعضا، بحيث لا يكون هناك تمحور في مكان ما لطائفة أو مذهب معيّن، حتى نستطيع التعايش فعلاً.
إن السنوات الحالية والمقبلة هي أكبر مثال على أهمية الوحدة الوطنية، فمن حولنا كوته نار التقسيم، ونحن مهدّدون في أية لحظة أن نكون مثلهم، ولكن يستحيل الأمر إذا كنّا أسرة واحدة لا يدخل بيننا أحد.
هذه الأيام بالذات إيجابية من أجل رسم طريق لنا، من دون تدخّل أحد، هذه الأيام بالذات أحوج ما نحتاج إليه هو التكاتف فيما بيننا، وأوّل ما نحتاج إليه هو أبناء الوطن، لأنّهم الأعمدة التي تقوم عليها الوحدة الوطنية، ولا يغيّر الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، أليس كذلك؟!
لنترك الإعلام ولنترك السياسة ولنركّز على محور الوحدة الوطنية من أجل الوطن نفسه ومن أجل أجيال المستقبل، لأن المستقبل من دون تقوية الجبهة الداخلية ليس مستقبلاً فعلاً، والجميع يتّفق على ذلك، فلنحرّر أنفسنا أولاً من الحواجز، حتى نستطيع التأثير في هذا المجتمع، ونغرس غرساً جديداً بهوية واحدة.