عبدالغني القش- مكة نيوز السعودية-
سبق الحديث في المقال السابق يوم الأربعاء الماضي عن فكر داعش ووجوب التصدي له ،والمبادرة التي أطلقھا شباب جامعيون لمواجھته، ولم يمض يومان من نشره حتى أعلنت وزارة الداخلية الجمعة مقتل 4 أشخاص وإصابة 33 آخرين و3 من رجال الأمن، غادر 19 منھم المستشفى، فيما لا يزال البقية وعددھم 41 مصابا، و3 من رجال الأمن يتلقون العلاج في تفجير انتحاري استھدف مسجد الإمام الرضا بالأحساء.
وجاء في البيان أيضا أنه تمت الحيلولة دون تمكن شخصين انتحاريين من الدخول إلى المسجد أثناء أداء المصلين صلاة الجمعة، حيث تمكن رجال الأمن من رصدھما أثناء توجھھما إلى المسجد، وعند مباشرة اعتراضھما بادر أحدھما بتفجير نفسه بمدخل المسجد فيما تم تبادل إطلاق النار مع الآخر وإصابته والقبض عليه، وضبط بحوزته حزام ناسف، ثم تم الكشف عن ھويته يوم أمس الأول الاثنين وأنه مصري الجنسية.
وھذا ليس أول تفجير وفي تصوري أنه لن يكون الأخير ما دام أعداء الملة والحانقون على ھذه البلاد يعلنون حربھم على الإسلام، فليس المقصود بالتفجير قتل عدد من الأشخاص من السنة أو الشيعة وإنما تفجير الأوضاع في السعودية وإثارة الفتنة الطائفية وزعزعة أمنھا واستقرارھا ،ولكن ھيھات، فقد انقلب السحر على الساحر، فأظھرت ھذه التفجيرات قوة في التلاحم وإجماعا على التماسك ووحدة الصف بين أفراد ھذا الشعب على اختلاف توجھاتھم؛ فلا مساومة مطلقا على أمن واستقرار البلاد التي نتفيأ ظلالھا وننعم بخيراتھا، ولا يمكن قبول التفريط في ذرة من ترابھا.
إن من المؤسف أن يعلن التنظيم عن تحريضه الصريح ضد المملكة ويھدد، ويحث أتباعه على زعزعة أمنھا، ولأنه يدرك تماما ھو وغيره أن أرض المملكة ليس من السھولة النيل منھا؛ وأن شعبھا بات مضرب المثل في التلاحم مع قيادته، نجده يحث من تم تجنيدھم من أبناء الوطن - مع بالغ الأسف - وغيرھم بضرب أھداف معينة، ومن المشاھد مؤخرا أن أغلبھا المساجد؛ لأن الذاھب إلى المسجد يكون في حالة من الاطمئنان والسكينة؛ فھو متجه لأداء الصلاة، ولا يتصور أن يقوم من به ذرة من الإنسانية ويدعي أنه مسلم بالاعتداء على مصلين في بيت من بيوت .
وھنا إشادة واجبة بالشفافية التي تحلت بھا وزارة الداخلية عندما أعلنت أن تفجير مقر قوة الطوارئ بمنطقة عسير تم بمساعدة أحد عناصر الخلية وھو جندي بقوة الطوارئ الخاصة بعسير ،تأثر بأفكار ھذه الفئة الضالة، فسولت له نفسه خيانة الأمانة والغدر بزملائه بكل خسة ودناءة ،وفضح أمره وقبض عليه وعلى اثنين من المتورطين معه، والداخلية عندما تعلن ذلك تؤكد تمسكھا بمبدأ الصراحة والوضوح، ويدرك الجميع أن ذلك الفرد لا يمثلھا بل ولا يمثل أبناء ھذه البلاد الأوفياء، بل ھو نشاز ولا يمثل إلا نفسه، وقد أوقعه في شر عمله وسيلقى عاقبته وعقابه.
والجميع على ثقة بما يحمله المواطن من صدق ولاء لھذا الوطن وولاة أمره، ودوره الذي ازدادت أھميته فيما يخص معنى المواطنة الحقة بتجنب التأجيج أو التأليب سواء بقصد أو من غير قصد؛ فمحيطنا مليء بدول يزداد فيھا عدم الاستقرار ويخيم وينمو فيھا الإرھاب الذي لا يھدد المملكة فحسب، بل يھدد العالم أجمع.
إننا في وقت وجب فيه تجنب نقل الإشاعات أو إثارة النعرات أو الانجراف خلف الشعارات واتباع التيارات، ولا بد من متابعة ومحاسبة من يتحدث للعامة بأسلوب تحريضي يقع فيه الشباب دون دراية ببواطن الأمور على أرض الواقع.
وقد أريد بھذا التفجير توسيع الھوة بين المواطنين وفقدان الثقة في نفوس الكثيرين، فخيب ظنونھم، وكان قوة ورسالة مؤداھا ليخسأ الأعداء، ولتھنأ الأحساء، فوطننا وطن الأمن والإيمان والعزة والإباء.
وأمن ھذا الوطن ھو مسؤولية الجميع، ومنوط بكل مواطن ومقيم، وليس محصورا بوزارة الداخلية ومنسوبيھا الذين يؤدون واجبھم على الوجه الأكمل، وضحوا بدمائھم من أجل حماية قاطنيه ومقدراته، ولكن ھناك أدوارا أخرى يجب على الكثير من الجھات أن تلعبھا، وأن تقوم بدورھا في القضاء على داء الإرھاب، سواء كانت جامعات أو جھات توعوية، وغيرھا من باب المسؤولية الاجتماعية، وأن يسھم الجميع في ذلك بكافة الوسائل وبكل جھد ممكن، فھل يتكاتف الجميع لتحقيق ھذا الھدف؟