علي يحيى- الاخبار اللبنانية-
تتصاعد الاتهامات الخليجية ضد رئيس «المجلس الدولي لدعم المحاكمة العادلة وحقوق الإنسان»، النائب في البرلمان الكويتي عبد الحميد دشتي، متخذةً أبعاداً جديدة. فبعد المطالبة بسحب جنسيته من بعض زملائه البرلمانيين، كحمدان العازمي، والشكاوى المتكررة ضده من السفير السعودي في الكويت عبد العزيز الفايز، اتُّهم دشتي، أخيراً، بقيادة خلية «إيرانية ــ حوثية»، في جنيف، للتحريض على السعودية والإمارات والبحرين.
■ تتعرضون لتهديدات عديدة، آخرها ما نُشر على غلاف صحيفة «السياسة» الكويتية، بأنكم تقودون «مجموعة إيرانية ــ حوثية» في جنيف، كيف تردّون على ذلك؟
ــ لا تعنيني التهديدات الصادرة من البعض في الخليج الذين يواجهون محور المقاومة، باتخاذهم بعض القرارات التي تحتاج إلى فحص وتمحيص ومراجعة.
وفي خضم تلك الحروب القائمة، من اليمن إلى سوريا، فإن أكثر ما يعنيني الشأن الوطني الكويتي. نحن كدولة مؤسسات ودستور، وبرلمان يمتلك كامل الصلاحيات، يزعجني جداً أن أجد مسايرة الكويت للسياسة الصدامية الارتجالية، لأن ذلك يتناقض مع اقتناعاتي كمواطن.
وأما من يعترض على مواقفي، التي يكفلها الدستور، فليكن بأسلوب ديموقراطي حضاري، وليس بالسباب والتهديد، لأن أكثر من 90% منها لم يأت من الكويت، رغم أن بعضها كانت تهديداً بالقتل، كتغريدة تبيّن أنها كُتبت من الداخل، وذكرت «إننا نحضّر لاغتيالك في جنيف، ومخالبنا أقرب إليك من حبل الوريد».
وقد تواصلنا بعدها مع إدارة «تويتر»، الذين زوّدونا، بدورهم، برقم «الآي بي» IP، فقدمنا شكوى رسمية، وقامت السلطات الكويتية وأمن الأمم المتحدة بواجبيهما. واعتبر تلك التهديدات بمثابة إخطار لـ«الدواعش» بالتحرك.
■ ماذا عن الضغط الذي يمارسه السفير السعودي في الكويت عبد العزيز الفايز ضدكم؟
للمرة الثالثة، تقدّم السفير السعودي ضدي بشكوى، كاسراً عرف التعاون ونمط العلاقة بيننا وبين الجهة التي يمثلها. وما دمنا لا نجد من يتصدّى لهذا النوع من التدخّل، من نواب مجلس الأمة والجمعيات الأهلية، فسنستمر في دفع الثمن.
اليوم، حصانتي تمسّها تلك الشكوى وبهذه الكيفية. للأسف، الحكومة الكويتية تتلقى الشكاوى وتحوّلها إلى المحاكم. والمستنكر في هذا أن معظم تلك الشكاوى لدوري الحقوقي في جنيف، دفاعاً عن حقوق الإنسان. حتى مملكة البحرين تقدّمت بشكاوى ضدي، وهم الذين زجّوا بعدد من الزملاء الحقوقيين في السجون.
■ ماذا عن المطالبة بسحب جنسيتكم، استنساخاً لما حدث في البحرين؟
هذه الطلبات نوع من الهرطقات والجهل. قرأت في «السياسة» الكويتية ترقيعاً لما طرحوه في هذا السياق، محاولين شرعنة ذلك. تقدمت ضدها بشكوى في الأمم المتحدة، وأمام النيابة العامة في الكويت، بعدما نُسِبَ إلينا تشكيلنا لخلية «إيرانية ــ حوثية» للتحريض ضد المملكة السعودية والبحرين والامارات.
واليوم، أقول إن من حق الكويت إسقاط جنسيتي، مع رفضي للمبدأ، وذلك في حالتين: إن كان هناك تزوير في أصل معاملات الجنسية، أو صدور أحكام مبرمة تثبت الخيانة العظمى والضرر بمصالح البلاد العليا. وهنا، من حق المتضرر اللجوء إلى القضاء الإداري، فكيف إن كان ضد رافع راية الحقوق الإنسانية؟
■ هل نعتبر أننا أمام منحى تصاعدي للوصول إلى محاكمتكم بتهمة الخيانة العظمى؟
تقود السعودية تلك الحملة عبر إمبراطوريتها الإعلامية، كـ«العربية» و«أم بي سي» وصحيفة «عكاظ» و«السياسة»، وعشرات آلاف حسابات التواصل الاجتماعي، ذات الأسماء الوهمية.
لكن تلك الحملة لم ولن تثنيني عن التراجع. وحين هاجمني أكثر من 40 برلمانياً، اعتمدت سياسية الاحتواء معهم، مؤكداً عدم تركي رفع لواء الدفاع عن حقوق الانسان. ولا أخشى إعداماً ولا سجناً ولا إسقاطاً للجنسية.
■ كيف تصفون نشاطكم الحقوقي في جنيف؟
نعمل مع بعض المنظمات الحقوقية الأخرى، محاولين توسيع نشاطنا، وفقاً للقانون الدولي وقواعد العمل في هذه المنظومة، من دون الاعتداء على أحد، ومسلّطين الأضواء على بؤر مظلمة تُنتهك فيها حقوق الإنسان.
وبالتالي نحن راضون عن نشاطاتنا، و«ولولة» أقلام صحيفة «عكاظ» السعودية، و«الوسط» البحرينية، هي شهادة فخر لنا. وكلّما ازدادت الحملات ضدنا عبر الإعلام و«السوشال ميديا»، نعلم مدى تأثير عملنا، وليترقبوا المزيد، خصوصاً بعد تكثيف التنسيق بين المنظمات الحقوقية، لسد فراغ غياب زملائنا المعتقلين في البحرين.
* كيف ترى الوضع السوري الآن، بالتزامن مع المساعي للحل السلمي؟
لقد اقتنع المخططون بعدم جدوى معركة تدمير سوريا وتفريغها من مكوّناتها ونقلها من موقعها، بعد سنوات من صمود وتصدّي الرئيس (بشار) الأسد وجيشه والشعب السوري والحلفاء، وعلى رأسهم حزب الله وإيران وروسيا.
لكن للأسف، ثلاثي تركيا ــ السعودية ــ قطر ما زالوا مستمرين بعد أن «أخدتهم العزّة بالإثم». أما الواقع، فيظهر أن سوريا تعود رويداً رويداً، وتتغربل، فضلاً عن تزايد المصالحات بعد اتفاق الهدنة، وإن بقيت بعض البؤر، لوقت أطول، نتيجة التغلغل الوهابي.
■ لماذا لم يتمكن أحد من إيقاف العدوان على اليمن، خصوصاً بعد تزايد المجازر ودمار البنية التحتية؟
ما يحدث في اليمن مأساة إنسانية. نحن ما زلنا، منذ 1996، نستذكر مجزرة قانا وأشلاء أطفالها. أما في اليمن، فقانا قد امتدت عبر كل محافظاته. وللأسف، لم يحن الوقت ليتحرك الضمير العالمي بقوة.
وقد بدأنا نتحرك مع «المجموعة الأوروبية» التي بدأت تصحو وتسمي الأسماء بمسمياتها، مشيرةً بإصبع الاتهام إلى الفكر الوهابي التدميري. حتى من راهن من الجنوبيين على «قوات التحالف» استيقظ على تنظيمي «أنصار الشريعة» و«داعش» يسيطران في عدن والمكلا وحضرموت.
وأعتقد أن هناك من يحاول استنفاد الطاقات الخليجية، من خلال اليمن، حتى اكتمال «الطبخة». ونذكّر هنا بالقرار 160/2016، الذي صدر قبل أيام من البرلمان الأوروبي، إذ يطالب حكومات أوروبا بوضع حظر على بيع السلاح للدول التي تشارك في العدوان على اليمن. ولربما، أيضاً، قد يكون السماح بإطالة الحرب سعياً لتغيير خارطة المنطقة من خلال اليمن.
■ ما هو تعليقكم على التهديدات التي طالت عدداً من وسائل الإعلام المستقلة، التي لم تلتحق بـ«الركب» السعودي؟
الحرب وصلت إلى كل المؤسسات والأقلام الحرة. وما تقومون به يعبّر عن تطلعات الشعوب. ونحن نتشرف بكم وبقناة المنار. وكمتابعين، وبتجرّد، نقول إن «الأخبار»، رغم عرضها لوجهات النظر المختلفة، إلا أن حقيقتها موجعة، لتسميتها الأسماء بمسمياتها، في لحظات الانبطاح والخنوع.
فهم بامتلاكهم المال وأثير البث الفضائي، اعتقدوا بإمكانية خلوّ الساحة لهم، لكن بعض وسائل الإعلام، على قلّتها، كسرت النوم من عيونهم، ومن هنا نرى الاجتماعات المتواصلة لوزراء إعلامهم لإسكات ما تبقّى من تلك الأصوات.
وافقت اللجنة التشريعية البرلمانية في الكويت على طلب رفع الحصانة عن دشتي أمس، في قضية «الإساءة إلى السعودية». بدوره، أشار السفير السعودي في الكويت، عبد العزيز الفايز، إلى «تجاوب وزارة الخارجية بعد مخاطبتها من قبل السفارة السعودية بالكويت لإحاطتها بإساءات دشتي للسعودية وولاة أمرها وعلمائها».
في المقابل، أكّد دشتي، تعليقاً على رفع الحصانة عنه، «بأنه لن يبدل مواقفه ولو قطعوه إرباً إرباً». وقال «لقد جرت العادة في مجالس الأمة السابقة أن يبادر النائب الى الطلب من النواب أن يرفعوا الحصانة عنه لثقته بالقضاء ونزاهته، لكن مع إيماننا بفصل السلطات وخصوصاً القضائية، لنعترف أن الأمور تغيّرت في هذه المرحلة العصيبة التي تمر بها منطقتنا».