شؤون خليجية-
في ظل انتشار وسائل التقنية الحديثة التي اختصرت الزمن ووفرت الجهد في نقل الوقائع والأحداث وإنجاز الأعمال والتواصل بين الناس، بات منع وحظر استخدام الهواتف المزودة بالكاميرات الاحترافية وبرامج التواصل الإجتماعي أمراً صعباً.
وفي مجتمع محافظ كالمملكة العربية السعودية، يعد انتهاك الخصوصية بتصويرالأشخاص في الأماكن العامة أو الخاصة من أبرز المشكلات التي يواجهها المواطنون.
حيث أنه قسم فريق المختصين بين مؤيد يعتبر التصوير بقصد أو سواه يعد مخالفة يعاقب عليها القانون طالما أن المصور لم يستأذن بالتصوير ونشر الصور والمقاطع، فيما اعتبر الرأي الآخر التصوير يعد مخالفة لا تستوجب العقوبة إذا لم تضر بالمكان أو الأشخاص.
مخالفة تستوجب العقوبة
اعتبر المحامي المختص في الجرائم المعلوماتية والاقتصادية الدكتور ماجد قاروب أن التصوير بدون إذن مسبق سواء من الأشخاص أو الجهات التي تدير الأماكن العامة أو الخاصة ونشر الصور والفيديوهات عبر مواقع التواصل الإجتماعي، جريمة يعاقب عليها القانون السعودي.
وتنص المادة السادسة من نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية بالمملكة ، على السجن مدة لا تزيد على خمس سنوات وغرامة لا تزيد على ثلاثة ملايين ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين؛ كل شخص يرتكب إنتاج ما من شأنه المساس بالنظام العام، أو القيم الدينية، أو الآداب العامة، وحرمة الحياة الخاصة، أو إعداده، أو إرساله، أو تخزينه عن طريق الشبكة المعلوماتية، أو أحد أجهزة الحاسب الآلي.
وأضيف اليها مؤخراً عقوبة "التشهير" بالجاني من خلال نشر الحكم النهائي على نفقة المحكوم عليه في صحيفة أو أكثر من الصحف المحلية أو بالطريقة التي تراها المحكمة مناسبة وذلك بحسب نوع الجريمة المرتكبة وحجمها وتأثيرها".
وأوضح قاروب أن جرائم المعلوماتية في المملكة تنظر أمام اللجنة المختصة في وزارة الثقافة والإعلام، ولكن أحكامها ليست جميعها تحتوي على عقوبة التشهير بالمصور، كما أنها تقتصر على العقوبات المباشرة لمخالفة النظام، ولم تحتو تعويضاً خاصاً للمتضررين من تلك الأعمال المخالفة.
القانون لا يطبق غالباً
لكن قاروب أشار إلى بعض الأسباب التي تعيق تطبيق ذلك القانون في السعودية.
منها ضعف الثقافة الحقوقية وثقافة التقاضي بشكل عام في المجتمع السعودي، ما يجعل نسبة الشكاوى المعلوماتية 5% مما يقدم إلى القضاء لإصدار الأحكام.
يليها ضعف إمكانيات الأجهزة الحقوقية والقضائية المعنية بالتصدي لهذه الشكاوى، والوقت الطويل الذي يستغرقه إصدار القرار، كونه مرتبطاً بلجنة مركزية في الرياض تأخذ عامين لإصدار قراراتها.
وطالب بتخصيص رجل أمن في كل مركز شرطة لتلقي شكاوى جرائم المعلوماتية وأن تخصص هيئة التحقيق والادعاء العام دائرة مستقلة متفرغة لتلك القضايا.
لاعقوبة بدون ضرر
فيما يختلف المستشار القانوني المختص بجرائم المعلوماتية الدكتور إبراهيم زمزمي مع فكرة تجريم التصوير في مجمله.
اذ يرى بأنه يجب وقوع الضرر على الشخص أو الجماعات الذين تم تصويرهم ونشر صورهم أو فيديوهاتهم يحكم المسيء بالمادة الثالثة فى قانون العقوبات، والتي تشترط وقوع الضرر.
ما هي الأسباب
ويرى الأخصائي النفسي علي سليمان الشمري أن من أهم أسباب انتشار هذه الظاهرة، هو الإفراط باقتناء واستخدام الأجهزة الذكية والتي تعتبر أستديوهات متحركة تلتقط الصور والمقاطع خلسة بكل سهولة و بدون علم الآخرين.
السبب الآخر، في رأيه هو غياب القدوة في المنزل خاصة وفي المجتمع عامةَ خاصة وإن بعض العقلاء يمارسون مثل هذه السلوكيات.
والسبب الثالث: وسائل الإعلام الموجه وغير الموجه وما تبثه من برامج قد لا تقيم للقيم الدينية والأخلاقية أي اعتبار بل إنها قد تعتبر كسر منظومة القيم نوعاً من الجرأة والتحرر والمبادرة للأسف الشديد.
من ناحيته ناشد الباحث الإجتماعي علي أبو طالب السلطات بتشديد الرقابة، وتفعيل القوانين لردع منتهكي الخصوصية، مبيناً خطورة بعض الصور ومقاطع الفيديو التي تنشر للنساء "الغافلات" في الأماكن العامة والخاصة، وضحايا الحوادث المرورية؛ مما يتسبّب بالأذى النفسي والأسري لذويهم.
موضحاً أن أفضل طرق العلاج هي مخاطبة عقول ومشاعر الشباب من الجنسين من خلال الحوار الهادئ والمعرفي دون تشنج، وزرع القيم الدينية والأخلاقية في نفوس الناشئة عن طريق الترغيب وليس الترهيب.