مجتمع » حريات وحقوق الانسان

شمس الحرية الغائبة في الإمارات إلى متى؟

في 2016/04/22

شؤون خليجية-

"تحت وضع صعب" هكذا تصنف حرية الإعلام في الإمارات لتنضم إلى قائمة من الحريات العامة تعاني القمع الكامل بينما تمنح الدولة الحرية الكاملة للسلطات الأمنية لملاحقة الإعلاميين والصحفيين والناشطين بقوانين وممارسات قمعية متصاعدة، حولت الحرية إلى جريمة جنائية يتعرض ممارسها إلى الترحيل والإبعاد والإخفاء القسري، والمصير المجهول.

تحت وضع صعب

صنفت منظمة مراسلون بلا حدود وضع حرية الإعلام في دولة الإمارات تحت "وضع صعب" وذلك ضمن خمس فئات كل فئة بلون تعكس خطورة أو وضع حقوق الإنسان في العالم، وقد جاءت الدولة باللون الأحمر الذي يرمز إلى "صعب" وفق تصنيف المنظمة وهي الدرجة ما قبل الأخيرة فقط في التصنيف، لأن دولة الإمارات ضيقت حرية التعبير وصادرت حق استخدام وسائل التعبير وأخفت الصحفيين قسريا وكان آخرهم الصحفي الأردني تيسير النجار المخطتف لدى جهاز أمن الدولة منذ ديسمبر الماضي، وقبله حاكمت وسجنت العشرات بسبب استخدام حرية التعبير وحرية الانترنت.

وكانت قد أفرجت المؤسسة عن تقرريها السنوي لعام 2016، ويشار إلى أن التصنيف العالمي لحرية الصحافة ينشر سنويّا منذ 2002 بمبادرة من مراسلون بلا حدود وهو يمكّن من قياس درجة الحرية التي يتمتع بها الصحفيون في 180 بلدا وذلك بفضل مجموعة من المؤشرات ( التعدّديّة، استقلاليّة وسائل الاعلام،محيط العمل والقوانين، الشفافية، البنية التحتية، الاعتداءات).

بين الإخفاء والترحيل مصير مجهول    

أصدرت  وزارة الخارجية الأمريكية في منتصف أبريل الجاري تقريرها السنوي حول أوضاع حقوق الإنسان في العالم، عن  عام 2015، وخص التقرير أوضاع حقوق الإنسان في الإمارات بتفصيل مسهب، وفيما يخص "الرقابة على الإعلام" قال إن "الصحفيين يخافون انتقاد الحكومة وخاصة المقيمين كونهم يتعرضون للترحيل، وقد حظرت الإمارات جميع الكتب المتعلقة بفكر الإخوان المسلمين أو ما ينتقد الحكومة وسياساتها. فحتى غير الإعلاميين لا تسامح معهم، فقد أبعدت السلطات إمرأة استرالية كونها كتبت تعليقا على مواقع التواصل الاجتماعي ينتقد بعض السلوكيات في الإمارات. ومنظمات حقوق الإنسان تنتقد بشدة إجراءات أبوظبي في هذا المضمار والقوانين التي تفرضها.

وحذر التقرير من أن أهم ثلاث مشكلات تواجه حقوق الإنسان في الإمارات هي:  عدم القدرة على تغيير الحكومة، و القيود المفروضة على الحريات المدنية بما في ذلك حرية التعبير والصحافة، التجمع وتكوين الجمعيات، واستخدام الانترنت)؛ والاعتقالات من دون تهمة (التعسفي)، الحبس الانفرادي، والاحتجاز المطول قبل المحاكمة (الاختفاء القسري).

وأضاف التقرير الرسمي الذي عادة ما ترفضه سلطات الدولة وتزعم أنه غير دقيق، وتضمنت مشكلات حقوق الإنسان أيضا، غياب الشفافية الحكومية، إضافة إلى وحشية الشرطة وحراس السجون، وانتهاك الحكومة لحق الخصوصية، واعتقال مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، وعدم استقلال القضاء، ولفت التقرير، إلى افتقار الحكومة للشفافية، ومن الصعب الوصول لمعلومات لتقييم الشكاوي والبلاغات حول انتهاكات حقوق الإنسان في أبوظبي.

البقاء في ذيل دول العالم

في رصد لواقع الحريات بالإمارات أصدر مركز الإمارات للدراسات والإعلام في ديسمبر 2015 تقريراً بعنوان (حصاد المؤشرات الدولية 2015: الإمارات بين التراجع أو البقاء في ذيل دول العالم)، رصد من خلاله وضعية الإمارات المتراجعة وفق عدد من المؤشرات والإحصائيات العالمية في مجالات تتعلق بالحريات.

بحسب التقرير تحتل الإمارات المرتبة “117” في الترتيب العالمي فيما يتعلق بحرية الإنسان، من بين 150 دولة قامت بتقييمها وفرزها ثلاثة معاهد دولية، هي: (كاتو، وفريزر، والليبراليين التابع لمؤسسة فريديريش نومان للحرية) الصادر منتصف شهر أغسطس المنصرم، والذي يقيم أوضاع الحريات وقوة القوانين في 152 دولة على مستوى العالم.

فيما حلت الإمارات في المرتبة 75 عالماً من ضمن 102 دولة فيما يتعلق بإعطاء حقوق المواطنين الأساسية، مشيراً إلى وجود قوانين تحّد من الحريات الأساسية للمواطنين الأساسية داخل الدولة.

وجاءت الإمارات في المرتبة 120 عالمياً ضمن 180 دولة في العالم ويغطي اللون الأحمر خارطة الدولة في المؤشر، دلالة لانعدام حرية الصحافة في البلاد، وتعد الإمارات ضمن أسواء 11 دولة في العالم تطالب مراسلون بلا حدود بالضغط عليها لوقف مراقبة الأنترنت والاعتقالات التعسفية للمدونين.

وحلّت الإمارات في المرتبة 68 عالمياً، ضمن 19 دولة “غير حرة” في العالم، في التقرير الذي يحوي 86 دولة في العالم. ونشرته "فريدوم هاوس".

مراجعة التشريعات المقيدة للحريات

عام مضى وتتجدد بالتقارير الحقوقية عن حرية الإعلام في 2016 نفس الشكاوي التي رصدت في 2015 حول واقع "حرية الإعلام والصحافة" فقد أصدر الائتلاف العالمي للحريات والحقوق في 25 أبريل 2015 تقريرا مفصلا تحت عنوان "الإمارات العربية المتحدة وتكبيل حرية الصحافة والإعلام” وتضمن مراجعات شاملة للإعلام والتشريعات التي صدرت لتقيده وعدم فسح المجال لأخذ دوره الحقيقي في نقل المعلومة وإعطاء الحرية للصحفيين.

ورصد التقرير الحقوقي أن النظام الإماراتي واحد من الأنظمة التي تعمد إلى عرقلة ووقف المطالبات بالتحول الديمقراطي، عن طريق تقييد حرية الرأي والتعبير وحرية العمل الصحفي عن طريق منع أي تعبير حر ومستقل في الصحافة والإعلام، ويعطي دلالة واضحة على أن نظام الحكم فى الإمارات يعتبر حرية الرأي والتعبير والعمل الصحفي هو معول من معاول هدم أسسه القائمة على دعائم الاستبداد والسيطرة الأمنية.

الحرية جريمة    

وتضمن الخطوط والحواجز القانونية والميدانية التي فرضتها الإمارات لمنع المواطن والأجهزة الإعلامية من تطبيق الحق في حرية الرأي والتعبير وحرية الصحافة بشكل كامل مما أدى إلى تكبيل تلك الحرية وحولها إلى جريمة جنائية.

وعرض التقرير مجموعة من التشريعات التي تم اعتمادها لمنح السلطات صلاحية متابعة أي شخص يشكك في النظام السياسي للبلاد من خلال الشبكات الاجتماعية، وقد صدر قانون لتجريم ذلك في عام 2006 وتم تعديله في عام 2012 بهدف تغليظ العقوبات الواردة في القانون على ما تعتبره السلطة الجرائم الإلكترونية.

وشدد التقرير على أن هذه القوانين فتحت الطريق لكثير من القيود بهدف تكميم الأفواه والسكوت على ممارسات السلطة السياسية القمعية كونها احتوت على بنود ومجالات يفتح تفسيرها أبواب المحاكمات الجائرة على أساس اتهامات غامضة.

واستعرض تقرير الائتلاف مجموعة من الأحكام الصادرة بحق ناشطين جرى اعتقالهم على خلفية نشاطهم في مواقع التواصل الاجتماعي، حيث وجهت لهم الأحكام الجائرة بالسجن لسنوات عدة بسبب تفعيل تلك القوانين القمعية تجاه حرية الرأي والتعبير المكفولة في الدستور الإماراتي في مادته “30” "حرية الرأي والتعبير في الكلام والكتابة وجميع وسائل التعبير في إطار القانون".

وبين التقرير وجود العشرات من المعتقلين الإماراتيين والعرب من الصحفيين والناشطين في مواقع التواصل الاجتماعي في سجون الإمارات على خلفية قضايا تتعلق بحرية الرأي والتعبير، وخلص إلى أن الحالة الإعلامية والصحفية في الإمارات تسير بطريق مرسوم مسبق من قبل السلطات، بما لا يعطي أي حرية للصحفيين، ويعطي الحرية الكاملة للسلطات الأمنية لقمع حرية التعبير والسيطرة عليها.