مجتمع » حريات وحقوق الانسان

تخيلوا لو أن الحريم يسوقن

في 2016/04/25

عبير خالد- الوطن السعودية-

يقول كثير من المختصين في الإعلام ودراسات الجماهير إن الحديث عن أي منتج قديم يعيد انتشاره وتعريف شريحة جديدة من الناس عليه. بصراحة ليس هذا هو هدفي من استقرائي لقصيدة نايف بن عرويل التي كتبها قبل سنوات مضت "تخيلو لو أن الحريم يسوقن"، والتي لا تزال حاضرة في وسائل التواصل، بيد أنني شعرت فقط بأن في هذه القصيدة الكثير من الإساءة والإجحاف للمرأة، ولكن بشكل غريب قد لا ننتبه جميعا له مع أول قراءة.

في البيت الأول يقول بن عرويل: "تخيلوا لو أن الحريمن بيسوقن.. ونلقى لهن في كل شارع طرايف.. تلقى العجايز في الشوارع يدورنّ.. وسيارة الإسعاف ترقب حتايف". الصورة العامة في هذا البيت هي أن المرأة مهما كان عمرها إذا قادت السيارة ستصبح أضحوكة للرجال، ومن هنا جرى التذكير بأن تهريج أي شريحة من المجتمع أو أي فصيلة من الناس وتصويرهم كأضحوكة هي حيلة إعلامية تستخدم منذ آلاف السنين.

خذ مثالا: اتفق كثير من المستشرقين أمثال لوبون وإدوارد سعيد ويونبول على أن الإعلام الأوروبي صوّر أهل المغرب العربي وأهل فلسطين بشكل تهريجي ساخر كأحد الحيل المحرضة على سلبهم حقا من حقوقهم، ألا وهو وطن يعيشون فوقه.

في بيت آخر من هذه القصيدة التي أتردد كثيرا قبل وصفها بالقصيدة، يقول بن عرويل: "وتلقى البني في كل جلسه يتكنّ.. طقة بلوت ومعهن الكيف كايف... هذي تبا تحكم وهذي تبا تصنّ.. والبيت ضايع دون طبخ وغرايف". لم أفهم هذا التصوير التقليدي غير الدقيق للمرأة في كونها خادمة، طاهية في المنزل، فإن خرجت لا تكون إلا لاعبة ورق في شارع عام! وهذا تمثيل آخر غير مناسب وغير واقعي وغير مرتبط بأخلاقيات المكان.

يكمل الشاعر بعد هذا ويقول بيتا موجها لأولئك الذين دعوا لقيادة المرأة السيارة: "ياللي ذنوبك فوق راسك يحنن.. اللي فقلبك طلعته الشفايف.. أنظارنا من فوق فكرك يشوحن.. ونشوف شيٍ ما تشوفه يا هايف"!!

تسفيف وشيطنة كاملة للآخر الذي اختلف عن صاحب القصيدة في الرأي، إضافة لكونه يتحدث عن غيبيات لا يعرفها إلا الله مثل ذنوب الإنسان وما يدور في صدره. بعد ذلك يتساءل الشاعر بشكل عقلاني عن حقوق الأرامل والمطلقات والعاطلات عن العمل اللاتي يغفل عنها كثير من الناشطين، وفي هذا كان الشاعر محقا وموفقا ومنصفا، لكنه سرعان ما يعود بعد ذلك إلى شيطنة تهورية وطفولية للآخرين، إذ يقول: "لو هي بيديكم كان قلتوا يغنن.. لكن صدمتوا فالجبال النوايف". ثم في نهاية القصيدة تجد ربطا ليس له أي معنى بين شرف المرأة وقيادتها للسيارة!

سؤالي لصاحب القصيدة وكل من يتفق مع مجمل ما فيها: ألم يكن ممكنا إبداء رفض قيادة النساء للسيارة دون المساس بكينونة المرأة وذاتها وقدراتها وعقلها، ودون شيطنة وإسفاف وتجريم الآخرين رجالا كانوا أو نساء؟!