مجتمع » حريات وحقوق الانسان

المجتمع يرفض أن تقود المرأة السيارة

في 2016/05/18

في الحقيقة أن هناك في المجتمع من يرفض قيادة المرأة للسيارة، وأعتقد أنهم يعبرون عن رأي نسبة لا بأس بها. ومن حق الدولة احترام رأيهم في ذلك، كما أن فتياتهم سيحترمن ذلك لأننا في النهاية مجتمع عربي لا تخرج نساؤه عن طوع آبائهن وإخوانهن.

أيضا، فإن ما يشغل حقا هو مبرر هؤلاء الآباء -بل وبعض النساء- لرفض قيادة المرأة للسيارة في المملكة.

وجدت من يبرر ذلك بأنها ستستخدم السيارة لما لا يرضي الله -عز وجل- عنه. وفي الواقع هذا تبرير طفولي يستدعي الضحك، لأن من المقبول ركوبها مع سيارة الأجرة الذي ربما تركها في مكان لتنتقل إلى تاكسي آخر، ومع الحجاب والغطاء لن يدري سوى الله أين ذهبت المرأة ومتى عادت، بعكس ما لو كان تنقلها بسيارتها.

أما التبرير الذي يستدعي التوقف فهو القول إن قيادتها لسيارتها دون "حارس" -ممثلا بالسائق- سيعرضها للخطر، لكن الناس في المملكة يعيشون أمانا لا يجدونه في غيرها، فلماذا يظن أحد أن الشارع السعودي لن يكون آمنا لتقود ابنته أو أخته أو زوجته سيارتها فيه؟

وحتى تسمح بقيادة المرأة للسيارة لا بد من وجود جهاز نسائي في المرور ومكان حجز نسائي، وشركات صيانة للسيارات مثل التي نشاهدها في الغرب، حيث يستدعيها قائدو المركبات باتصال وليس بالوقوف على ناصية الشارع والتلويح.

أيضا لا بد أن نعترف بأن هناك من يعتقد أن معظم الشباب في المملكة -رغم كل مواد الدين وهذه المحاضرات في المساجد- ما زال يعتقد أنه من المقبول أن يتعرض للنساء بالتحرش! لذلك فهم مصدر خطر كبير يعيق السماح للمرأة بالقيادة.

في الواقع إذا تعاملنا مع ذلك كحقيقة فإن مجرد حماية المرأة من هؤلاء ليس حلا للمشكلة، بل لا بد أن يتصدى المجتمع بكافة مؤسساته لمعالجة ذلك، فخطرهم ليس على قائدة سيارة، بل على النساء الطبيبات والكاشيرات والمشتريات في الأسواق، بل على أنفسهم أيضا، فهم ثروة الوطن واستثماره الحقيقي، فكيف نتركهم بلا معالجة وإصلاح.

مما سبق يتضح أن قيادة المرأة ليست موضوعا في ملعب المجتمع، بل في ملعب الحكومة. فلقد قدم المجتمع أسباب رفضه، وهي في مجملها تحتاج إلى معالجة من الحكومة وليس المجتمع.

عزة السبيعي- الوطن السعودية-