مجتمع » حريات وحقوق الانسان

قيادة المرأة إما توعية أو قرار حاسم

في 2016/05/30

موضوع قيادة المرأة للسيارة موضوع مستهلك. نقاش، حوار، وكتابة، تعددت الآراء حوله باختلافات سلبية أو إيجابية. ولاحظت أنه مع مرور الوقت وكلما ازدادت نسبة الوعي ارتفعت كفة الرأي الإيجابي، وهذا دليل صريح أن نضج العقل والوعي يؤيدان ويؤكدان على أن قيادة المرأة للسيارة هي مصلحة وليست مفسدة كما صنفتها بعض العقول التي تحتكم لعاداتها وأعرافها وتلبسها لباس الدين، ربما دون وعي منها. رغم أنه لا يوجد دليل قرآني ولا حديث صحيح يحرم ركوب المرأة وسيلة النقل، إلا أن البعض صنفها من المفاسد التي يجب درؤها وتقديمها على جلب المنفعة.

أكتب الآن كأحد تلك الأقلام، ولكن أختلف عنها بأن هذه الكتابة تأتي من معاناة. قبل أسبوعين كانت هناك حلقات نقاشية حول الرؤية الوطنية 2030 في إطار التعاون الثقافي بين عمادة خدمة المجتمع والتعليم المستمر بجامعة الملك خالد ونادي أبها الأدبي، وعلى ما كان بي من حماس لحضورها إلا أنه قدر لي ألا أحضرها لهذا السبب.

خلال الشهر الماضي كثرت الاستبانات والاستفتاءات في موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" حول رأي العامة في قيادة المرأة للسيارة. في العرف الحق لا رأي فيه ولا استفتاء، يفترض على الجميع استيعاب أنه حق للمرأة، وهي صاحبة القرار الأول والأخير فيه. الدكتور محمد آل زلفة منذ 2013 يغرد في تويتر ويطالب بحق المرأة في قيادة السيارة والسماح لها، وأن هذا القرار يحميها ويحفظ لها حقها ومالها وكرامتها، لكن كانت الردود تحمل أبشع الكلمات والأوصاف بحقه. اطلعت على بعض تلك الحسابات لأرى أين وصل تفكيرهم بعد مرور تلك السنوات حتى عامنا هذا، 2016، وجدتهم بحول من الله وقوة يؤيدون قيادة المرأة ويطالبون بها، جاء على بالي وقتها ذات القصة مع جوالات الكاميرا في بداية وصولها إلينا، كانت جارتنا الداعية تقول: "التي تأخذ جوال كاميرا وتدخله بيتها فلا خير فيها ولا دين ولا تخاف الله و.. و..إلخ"، والآن حتى حفيدتها بعمر الـ6 سنوات تحمل هاتفا ذكيا! وقد سبق أن قال أجدادنا: "زلة قدم ولا زلة لسان"، كان الممانعون ضد آل زلفة وشتموه، ومع الوقت والتعرض لمواقف أحوجتهم لهذا القرار صاروا معه. باختصار موضوع قيادة المرأة ثابت والآراء حوله متغيرة بتغير الأوضاع والأحوال، وهو داخل تحت مظلة "كل جديد محارب"، ومثله مثل جوالات الكاميرا والستالايت وتعليم المرأة، وغيرها من المستجدات التي يمانع البعض ضدها في البداية ومتى ما سمح بها فأول من سيقود هم أولئك الذين حملوا على أكتافهم سلاح محاربتها.

الأمير محمد بن سلمان في حواره مع وكالة بلومبيرج قال: "إن المرأة السعودية ستنال حريتها وتقود السيارة، ولكن ننتظر اللحظة المناسبة ولا نستطيع السماح بها والمجتمع غير راض بذلك".

ما أود قوله هو بما أن الحكم في هذا الأمر عائد لرضا ووعي وتقبل المجتمع، فلماذا لا تكون هناك حملات توعوية وتصحيحية لما هو مزروع في عقولهم حول الموضوع؟ لماذا لا نوضح لهم أن هذا القرار -إن صدر في يوم من الأيام- أكثر حماية للمرأة من السائقين الأجانب وأكثر تيسيرا لأمورها؟ وأنه سيكون في مصلحة المجتمع وتحقيق روية الوطن 2030. فلو تم اتخاذ قرار حاسم من الحكومة، فإن أشهرا بعد القرار كفيلة باندماج المجتمع وتقبله مع هذا القرار، كما سبق واندمج وتقبل أمورا أخرى كانت مرفوضة، وبعد قرار حكومي حاسم تقبلها الجميع واقتنعوا بها.

سلمى الشهري- الوطن السعودية-