مجتمع » حريات وحقوق الانسان

شغب في «سعودي أوجيه» بسبب تأخر الرواتب والشركة تدفع ثمن تخلي الرياض عن «الحريري»

في 2016/06/17

تفاقمت الاضطرابات التي تشهدها شركة «سعودي أوجيه» في المملكة المملوكة لعائلة رئيس الوزراء اللبناني الأسبق «سعد الحريري» الأربعاء إثر عدم صرف رواتب العمال لمدة تتجاوز 4 أشهر.

وقام مئات العمال (أغلبهم من الجنسيات الشرق آسيوية) بتكسير المكاتب الإدارية في موقع مشروع (إسكان الحرس الوطني) في منطقة خشم العان بالرياض وإحراق عدد من الحافلات وقلب بعض السيارات، احتجاجا على عدم صرف رواتبهم وحتى عدم صرف تذاكر سفر لهم للعودة إلى بلادهم بعد أن طلبوا صرفهم من العمل إثر وعود من قبل إدارة الشركة بإنهاء إجراءات سفرهم.

وتشهد الشركة منذ أيام نوعا من الإضراب الجزئي لموظفيها في مكاتبها الرئيسية في الرياض، وخصوصا من السعوديين، بسبب عدم صرف رواتبهم.

وبحسب صحيفة القدس العربي، يمتنع مدراء الشركة عن التعليق على ما يحدث للشركة من تطورات تهدد بقاءها أو على الأقل تؤدي إلى تحجيمها.

ويقول مدراء، وفقا للصحيفة نفسها، إن الشركة تعاني من عدم وجود سيولة مالية تجعلها قادرة على ترتيب أمور عمالها وموظفيها بسبب عدم صرف وزارة المالية للمستحقات المالية التي لها على الدولة.

وأدى ذلك إلى توقف العمل في جميع المشاريع التي تعاقدت شركة «سعودي أوجيه» عليها مع الدولة، حتى بلغ الأمر حد فقدان الشركة القدرة المالية على شراء تذاكر سفر لعمالها المصروفين من العمل.

ومما فاقم أزمة الموظفين، توقفت وزارة العمل عن تقديم خدماتها للشركة مثل تجديد رخص العمل وغيرها، الأمر الذي أدى إلى عدم تجديد إقامات المئات من الموظفين، بالاضافة إلى الديون المستحقة عليها لعشرات من الشركات والمؤسسات.

وقالت مصادر مالية حكومية في المملكة للقدس العربي إن وزارة المال صرفت لسعودي أوجيه مبالغ كبيرة من مستحقاتها المالية التي من المفروض أن تصرف لتدبير أمور العمال والموظفين مثلما حصل مع شركة مجموعة بن لادن، ولا أحد يعرف أين ذهبت هذه المبالغ، ومن المعتقد أنها صرفت على بعض الالتزامات المالية الكبيرة لرئيس الشركة ومالكها سعد الحريري.

ويرى بعض المحايدين المتابعين لوضع «سعودي أوجيه»، حسب الصحيفة، أن هناك سوء إدارة في الشركة أدى إلى تفاقم مشاكلها، وهم يقولون أيضًا إنه يجب الاعتراف بأن سعودي أوجيه لم تعد تأخذ عقود مشاريع جديدة منذ نحو عامين، باستثناء مشروع بناء قصر لأحد الأمراء في الرياض.

بدورها، ذكرت صحيفة الأخبار اللبنانية أن الحرس الوطني السعودي أمهل موظفي «سعودي أوجيه» وعمالها 48 ساعة، بدءاً من ظهر الأربعاء، لإخلاء مكاتبهم وسكن العمال من مشروع إسكان الحرس الوطني الذي تنفذه الشركة في الرياض.

ورغم أنها ليست المرة الأولى التي يحتج فيها عمال أوجيه على طريقة التعامل معهم، لكنها المرة الأولى التي تتدخل فيها السلطات السعودية لفض الاحتجاج عبر طرد الشركة وعمالها من المشروع، علما بأن أوجيه لُزّمت إنشاء 5900 فيلا لمنتسبي الحرس الوطني في الرياض من ضمن مشاريع مماثلة في 8 مناطق في المملكة. والعقد نص على أن تتسلم الدولة المشروع منجزًا عام 2017.

ونقل موظفون لبنانيون أجواء غضب عارمة بين زملائهم تجاه رئيس حزب المستقبل سعد الحريري الذي يقيم ولائم إفطارات يومية في بيت الوسط، فيما شركته مفلسة وموظفوه من دون رواتب.

لا تدخل سعودي مرتقب

في المقابل، لا يزال «الحريري» يلتزم الصمت تجاه أزمة امبراطوريته المتداعية.

ويبدو، بحسب مقرّبين منه، أنه يائس من تدخل سعودي لإنقاذه، بعد الكلام الواضح لولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لوكالة بلومبرغ مطلع أبريل/ نيسان الماضي، عندما حصر أزمة سعودي أوجيه في مشكلاتها مع المصارف، قائلًا إن الحكومة السعودية ترسل للشركة مستحقاتها، لكن المصارف تصادر هذه الأموال لتحصيل الديون المستحقة لها في ذمة الشركة.

ووفق المصادر، فإن أزمة أوجيه مرشحة للتفاقم، من دون وجود أفق للحل، إذ إن تدخل الحكومة السعودية مستبعد، ولا يجد القائمون على القرار الاقتصادي السعودي مبررا لذلك، وخاصة أن عددا آخر من الشركات متعثّر.

كذلك فإن شراء الدولة السعودية حصصا في إمبراطورية الحريري غير مرجح أيضا، في ظل توجه فريق محمد بن سلمان لبيع ممتلكات الدولة لا العكس.

وتلفت المصادر إلى أن الحريري غير قادر على التدخل ماليا من الخارج، لسببين: الأول، عدم تمكنه حتى الآن من بيع شركة اتصالات في جنوب أفريقيا تملكها أوجيه تيليكوم التابعة لسعودي أوجيه، والثاني أنه يرزح شخصياً تحت ديون هائلة في لبنان، وصلت إلى نحو 580 مليون دولار للمصارف اللبنانية.

وفي مارس/ آذار الماضي، اتخذت السلطات السعودية إجراءات لمحاسبة شركة «سعودي أوجيه»، لتأخرها منذ أشهر عن دفع رواتب الآلاف من موظفيها.

وقال مسؤول في وزارة العمل السعودية إن الوزارة شكلت «لجنة لحل مشكلة تأخر رواتب الموظفين في سعودي أوجيه».

وأضاف أن الوزارة اتخذت حزمة إجراءات بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة لمحاسبة الشركة على عدم وفائها بأجور موظفيها، إذ قطعت عدداً من الخدمات عن الشركة، على رأسها خدمات التأمينات الاجتماعية، وخدمات المديرية العامة للجوازات.

وتنفي مصادر ما تردد أن الحكومة السعودية لديها نوايا لإفلاس الشركة التي قامت بمئات من المشاريع في المملكة، والدليل أن عقود الصيانة التي تقوم بها الشركة مستمرة على أحسن مايرام.

وتقوم سعودي أوجيه بأعمال صيانة معظم القصور والمقرات الملكية في المملكة.

وسرت شائعات بأن مايجري هو إضعاف للشركة تمهيدا لشرائها او شراء نسبة كبيرة منها، وأن أحد النافذين في المملكة عرض شراء60% من الشركة.

لكن الحقيقة الأكيدة ان شركة سعودي أوجيه التي كانت واحدة من أهم شركات المقاولات في المملكة، لم تعد كما كانت، ولم تعد الإمبراطورية المالية الكبيرة التي بناها مؤسسها ومالكها الراحل رفيق الحريري، والتي جعلها إحدى أدوات القوة السعودية الناعمة في لبنان.

التحول عن الحريري

فقد أصبح التحول أكثر وضوحا فيما يتعلق بالسياسة السعودية تجاه حليفها «الحريري»، في أعقاب الانتخابات البلدية التي جرت في مايو/أيار في بيروت وفي مدينة طرابلس بشمال لبنان.

فوفقا لنتائج الانتخابات فإن شعبية تحالف 14 أذار الذي يقوده «سعد الحريري» تقع في أدنى مستوياتها على الإطلاق.

وتبنى «الحريري» موقفا تصالحيا تجاه «حزب الله» وقد ذهب إلى أبعد من ذلك في ديسمبر/كانون الأول الماضي بترشيح عضو ائتلاف 8 أذار «سليمان فرنجيه» لشغل مقعد رئاسة لبنان الشاغر منذ فترة طويلة. ولكن «حزب الله» لم يكن منفتحا على التنازل. رفض الحزب مرشح «الحريري» وحافظ على دعمه لمرشح تيار 8 أذار.

ولم يكن موقف «الحريري» الاسترضائي في مواجهة «حزب الله» كافيا لتحقيق أهداف الرياض في لبنان، في الوقت الذي يواصل فيه الحزب تجميد الجهود المبذولة لتثبيت رئيس جديد.

وبالتالي، فإن المملكة العربية السعودية تتطلع إلى زعماء السنة الآخرين ليحلوا محل «الحريري» من أجل تعزيز مصالحها في البلاد بشكل أفضل، بحسب ما أفادت به مجلة ستراتفور في وقت سابق.

وتعاني مؤسسات أخرى تابعة لـ«الحريري»، الزعيم السني المقرب من السعودية، من مشاكل مماثلة من ناحية التأخر في دفع الرواتب أشهرا، لاسيما قناة وصحيفة المستقبل في بيروت.

وكالات-