مجتمع » حريات وحقوق الانسان

قطع الإنترنت انتهاك لحقوق الإنسان

في 2016/07/04

منطقة الدراز والقرى المحيطة بها محرومة من الإنترنت مساء كُلِّ يوم، حتى الفجر، منذ ٢٣ يونيو/ حزيران ٢٠١٦، أي منذ أن أعلنت الحكومة عن إسقاط جنسية الشيخ عيسى أحمد قاسم.

لم تعد خدمة «الإنترنت» ترفاً أو حاجةً كماليةً، بل أصبحت حاجةً تمسُّ جميع مفاصل حياتنا اليومية، من ساعة الاستيقاظ حتى ساعة الخلود إلى النوم.

ولم يعد «الإنترنت» مرتبطاً بالترفيه، بل أصبح يتغلغل في جميع المعاملات والإجراءات؛ فالصحافة باتت مقروءةً أكثر على شبكة الإنترنت، بأضعاف ما كانت تُقرأ في نسختها الورقية. وفي الوقت الذي كان القارئ يذهب من منطقته في منتصف السبعينيات إلى المنامة، لاقتناء الجريدة أو المجلة، أصبحت هذه في نسختها الإلكترونية بين سبّابته وإبهامه يقلّبها كيف يشاء. وفيما كانت بعض النسخ الواردة من الخارج تصادرها الرقابة، أو تؤخر توزيعها إلى اليوم التالي، فإنّ النسخة الإلكترونية للصحف تكون متوافرةً بين يديك مع ساعات الفجر الأولى.

أنت اليوم تجري معاملاتك مع المصارف أو الشركات والوزارات، وتتواصل مع عائلتك، وتتداول آخر الأخبار مع أصدقائك يومياً، مع هذا الكمّ الكبير من الصور والمعلومات ومقاطع الفيديو، كل ذلك عبر الإنترنت. ولا يمكن تخيُّل ما يقع لنظامنا اليومي من إرباك في حال حدوث خلل في هذه الشبكة العملاقة.

في العقد الماضي، كان الحديث عن حقّ الجمهور في المعرفة والوصول إلى المعلومات، وكانت الحكومات التي تربّت على عقلية المنع والسرية، تعارض ذلك وتعتبره تهديداً للأمن القومي. وتأتي التطورات التكنولوجية لتغير المعادلة بالكامل، وأصبحت حياة الإنسان لا تستقيم من دون خدمة الإنترنت، تماماً كما هو الحال مع خدمات الكهرباء والماء وغيرها.

اليوم لم يعد حديث العالم عن حرية الوصول للمعلومات وتداوُل الأخبار، بعد أن أصبح مُعاشاً بحكم الواقع، بل انتقل للحديث عن ذلك باعتباره حقاً من حقوق الإنسان. ففي الأول من الشهر الجاري (١ يوليو/ تموز ٢٠١٦)، أصدر مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان قراراً بخصوص «تعزيز وحماية حقوق الإنسان على شبكة الإنترنت». وهي نقلةٌ مهمةٌ تُشخِّص المرحلة التي بلغها المجتمع البشري، الذي تجاوز مرحلة الثورة الصناعية إلى ما بعدها، بدخول عصر الثورة المعلوماتية الكبرى.

هذه النقلة، تنعكس على حاضرنا ومستقبلنا، وتؤثر أكثر على جيل الشباب، الذي بات يتطلّع إلى واقع أفضل مما عاشه آباؤه، ليس فقط اجتماعياً واقتصادياً، بل حتى من الناحية السياسية، حيث استمرّت سياسات القمع ومصادرة الآراء، وملاحقة أصحاب الآراء المستقلة. وهو واقعٌ يسير في الاتجاه المعاكس لحركة التاريخ، خصوصاً حين نقرأ أخباراً عن سجن مغرّدين لأنهم عبّروا عن آرائهم في سياسات بلادهم، أو انتقدوا أداء حكوماتهم، أو طالبوا بالإصلاح.

العالم اليوم، يعتبر حجب خدمة الإنترنت أو منعها أو التشويش عليها، انتهاكاً لحقّ الإنسان في الاتصال بشبكة الإنترنت والتزوُّد بالمعلومات.

قاسم حسين- الوسط البحرينية-