مجتمع » حريات وحقوق الانسان

“‬منعطف الدراز” أمام مفترق طرق الترحيل أو التقتيل

في 2016/07/15

تتراوح الأخبار مع تراوح الأوضاع العامة في البحرين. المؤشرات غير مستقرة في اتجاه محدّد، فهناك ما يوحي بتحرك الخليفيين لفض اعتصام الدراز، وشن حملة غادرة لترحيل الشيخ عيسى قاسم قسراً. وسرعان ما تمر موجة أخرى من الأحايث التي يتم تداولها بين الأوساط المتابعة والتي تشير إلى تسارع التحركات الرامية لوضع تسوية أو توافق ما على احتواء “الأزمة”، وعلى النحو الذي لا يُظهر وكأن الخليفيين ذاقوا طعم الهزيمة، ولا تُشعر البحرانيين بنشوة الإنتصار.

ما تذهب إليه أكثر الأوساط السياسية، وتبعا لكل هذه الأجواء، هو أن الخليفيين تلقوا رسائل من حلفائهم، وتحديدا الأميركان، تتضمن تحذيرات من عواقب أي فعل “طائش”، وقد أسدوا لهم نصيحة بالعمل على التهيئة والتخطيط في وسائل القمع، وبما لا تترك آثاراً وتداعيات كبيرة. كما أن التحذيرات التي وجهها اللواء قاسم سليماني وأمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله، إلى جانب مراجع الشيعة وفصائل المقاومة؛ سبّبت إرباكا ورعبا في قصور الرفاع والسفارات الأجنبية في البحرين.

في المقابل، فإن ما ألفه البحرانيون ويعرفونه عن آل خليفة وآل سعود؛ هو سيطرة العقلية البدوية في رسم سياساتهم وقراراتهم، ويؤكد ذلك توجه السعودية لشن العدوان على اليمن، وعدم تورعهم من سفك دماء الشهيد آية الله الشيخ نمر النمر. ويعزز هذا الفهم؛ تشكل التحالف الجديد بين آل سعود والصهاينة في قبال محور المقاومة في المنطقة، والذي بدا ظاهرا أنه يختلف مع السياسة الأمريكية في بعض المحطات، بل وعدم التعويل عليهم، كما في بعض المحطات. وتعتبر كلمة رئيس جهاز المخابرات السعودي السابق تركي الفيصل في مؤتمر المعارضة الإيرانية بباريس، وطريقة حديثه الذي خرج فيه عن الأسلوب المعهود بين الدبلوماسيين؛ شاهدا آخر على هذا التوجه. كما أن كثيرا من المعلومات باتت مؤكدة لكل المتابعين بشأن التعاون الأمني بين السعودية والصهاينة والبحرين.

وبالعودة إلى البحرين، وبما أن النظام الخليفي هو حليف للمحور الصهيو-سعودي؛ فإنه يسير في فلكهم، ولا يمكن أن يشذ عن أسلوبهم في الغدر والفتك والتدمير. وبعيدا عن هذا المحور، فإن الخليفيين أنفسهم، وبطبعهم المعروف في التاريخ؛ هم أهل غدر ونكث للعهود، ويكفي مراجعة بعض الأحداث التي ترافقت مع الثورة للوصول لهذه الحقيقة.

حين تم الإعلان عن مبادرة ولي العهد الخليفي في 2011 أغارت العساكر الخليفية والسعودية والإماراتية على ميدان الشهداء (دوار اللؤلؤة). وكذلك، وبعد لقاءات “الحوار” مع جمعية الوفاق – سرا وعلنا – كان الخليفيون يتحينون الفرصة للانقضاض عليهم، وحين جاءت ساعة الصفر تم اعتقال الشيخ علي سلمان، ومن ثم بعد سنتين، أغلقت الجمعية. وليس بعيدا عن الذاكرة ما أعلنه رئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان نبيل رجب من داخل المحكمة قبل أيام؛ حيث قال إن اعتقاله جاء بعد 10 أيام من لقاء جمعه مع رئيس ديوان ولي العهد “للتفاهم حول أوضاع نشطاء حقوق الإنسان”.

لقد فعل الخليفيون مثل ذلك أيضا مع الأستاذ حسن مشيمع في العام 2007 حين التقى الأخير – إضافة للدكتور سعيد الشهابي – مع الحاكم الخليفي، حمد الخليفة، في فندق الدورشستر بالعاصمة البريطانية لندن، حين كان الحاكم الخليفي يخضع للعلاج من مرض السرطان. حيث أمر حمد في أثناء الاجتماع؛ السفيرَ الخليفي السابق خليفة عبد الله بأن يباشر بترتيب لقاءات لـ”الحوار” مع الأستاذ حسن مشيمع وفور عودته للبحرين، ولكن ما أن عاد الأستاذ مشيمع إلى وطنه؛ حتى وجد نفسه بعد أيام في السجن في قضية ما عُرف ب “الحجيرة”. وهي الحادثة التي ظل الأستاذ مشيمع بعدها يحذر وينبّه من الانخداع بالخليفيين أو الاطمئنان لهم.

إذاً، فالمعادلة هي (أنّ أي مؤشرات أو إعلان عن “حوار” أو “حل” – يعني بالضرورة – أن على البحرانيين أن يستعدوا لعملية غدر وإغارة وقمع. وفي الوقت الذي يُقدَّر كل منْ يتحرك ويسعى لتجنيب البلد من المنزلقات الخطيرة، وحقن الدماء، إلا أن “المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين”. وإذا كان حمد الخليفة قد تمثل في قول فرعون “ويقتل أبناءهم ويستحي نساءهم”؛ فإن الله جل وعلا قال “ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين”.

إن أول شروط النصر هو أن “يدخلك اليأس من إصلاح آل خليفه”، كما قال الشهيد النمر. ولا يبدو أن البحرانيين – وبعد كل ما جرى – يأملون خيراً من الخليفيين، أو يرجون حلاً معهم. وهم يخاطبون – من ساحة الاعتصام بالدراز – حمد بـ”الدعية”، أي مجهول الأصل، الذي ليس له لياقة أو كفاءة لكي يحكم الأصلاء وأبناء الأرض.

البحرين اليوم-