مجتمع » حريات وحقوق الانسان

«رايتس ووتش»: المرأة أسيرة نظام ولاية الرجل في السعودية

في 2016/07/18

قالت منظمة «هيومن رايتس ووتش» الحقوقية، إن نظام ولاية الرجل في السعودية يبقى أكبر حاجز أمام تحقيق المرأة لحقوقها، رغم بعض الإصلاحات التي اتخذت في العقد الأخير. 

وأكدت المنظمة في تقرير لها، أمس السبت، أن المرأة البالغة تحتاج إلى تصريح من ولي أمرها للسفر إلى الخارج والزواج ومغادرة السجن، وقد تحتاج إلى موافقته أيضا للعمل أو الحصول على رعاية صحية. 

وتابعت في تقرير الصادر تحت عنوان «كمن يعيش في صندوق: المرأة ونظام ولاية الرجل في السعودية»، أن هذه القيود «تفرض على المرأة طيلة حياتها، فالدولة السعودية تعتبر المرأة قاصرة قانونيا طيلة حياتها».

ويدرس التقرير، الذي جاء على 66 صفحة، بالتفصيل جميع الحواجز الرسمية وغير الرسمية التي تواجهها المرأة السعودية عندما تحاول اتخاذ قرارات أو القيام بأعمال دون حضور أو موافقة أحد أقاربها. 

وقالت «سارة لينا ويتسن»، مديرة قسم الشرق الأوسط إن «استمرار حاجة المرأة لموافقة وليّ أمرها للسفر والعمل أو فعل أي شيء آخر هو انتهاك طويل الأمد لحقوقها، ويعرقل جهود الحكومية لتحسين الاقتصاد. من مصلحة الحكومة أن تُصغي لمطالب مواطناتها، وتحررهن من قيود نظام ولاية الرجل».

وتابعت «لطالما قيل للنساء السعوديات إن منحهن حقوقهن سيستغرق وقتا. لا تحتاج النساء إلى وقت أطول ليعاملن بمساواة في المجتمع السعودي».

قابلت هيومن رايتس ووتش 61 امرأة سعودية ورجلا سعوديا لإعداد التقرير، وحللت قوانين وسياسات ووثائق رسمية سعودية.

 قالت امرأة سعودية (25 عاما) «كلنا نعيش في مساحة صغيرة يرسم حدودها آباؤنا وأزواجنا»، مضيفة في بعض الحالات، يستغل الرجال حاجة المرأة لموافقتهم، فيبتزونها ويفرضون عليها مبالغ مالية كبيرة.

وأضافت أخرى (62 عاما) «صدّقي أو لا تصدّقي، ابني هو وليّ أمري، وهذا مهين جدا... ابني الذي أنجبته وربيته هو ولي أمري»، مؤكدة أقارب المرأة الآخرون أيضا لهم سلطة عليها، رغم أنها أقل من سلطة ولي الأمر.

دعا نشطاء سعوديون الحكومة بشكل متكرر إلى إلغاء نظام ولاية الرجل، في 2009 ثم في 2013 وافقت السعودية على ذلك بعد المراجعة الدورية الشاملة الخاصة بها في «مجلس حقوق الإنسان».

بعد أن أطلقت تلك الوعود، اتخذت السعودية بعض الإجراءات لتخفيف سيطرة وليّ الأمر على المرأة؛ لم تعد تفرض عليها الحصول على موافقته للعمل، وتبنت قانونا يجرم الانتهاكات الأسرية. 

في 2013، عين الملك الراحل «عبد الله بن عبدالعزيز» 30 امرأة في «مجلس الشورى»، أكبر هيئة استشارية في المملكة.

وفي 2015، سمح للمرأة بالتصويت والترشح لانتخابات مجلس البلدية لأول مرة.

وجدت «هيومن رايتس ووتش» أن هذه الخطوات المحدودة لم تغير كثيرا من نظام الولاية الذي مازال على حاله تقريبا، ما يتسبب في عرقلة الإصلاحات، وفي بعض الحالات يفرغها من محتواها.

واستعرضت المنظمة بعض العوائق قائلة: «لا تستطيع المرأة استصدار جواز سفر دون موافقة ولي أمرها، ولا تستطيع السفر إلى الخارج دون تصريح منه، كما تواجه المرأة صعوبة مستمرة في القيام بعدد من المعاملات دون ولي أمرها، مثل استئجار شقة أو رفع دعاوى قانونية». 

وتابعت «الحكومة لا تشترط حصول المرأة على تصريح من وليّ أمرها لتعمل، ولكنها أيضا لا تعاقب أصحاب الأعمال الذين يفرضون هذا التصريح. كذلك، لا تستطيع المرأة الدراسة في الخارج، بمنحة من الحكومة، دون موافقة وليّ أمرها، ودون محرم يرافقها، رغم أن هذا الشرط لا يُطبق دائما، مازالت المرأة ممنوعة من قيادة السيارة».

وجدت «رايتس ووتش» أن النساء يواجهن حواجز هائلة عند محاولة الحصول على مساعدة أو الهرب من ولي عنيف، على سبيل المثال، يحافظ الرجل على سلطة الولاية حتى أثناء إجراءات الطلاق، يوجد تمييز متأصل في المنظومة القانونية، والمحاكم تقبل الدعاوى القضائية التي يرفعها أولياء الأمر ضدّ النساء تحت ولايتهم لممارسة سلطتهم عليهن.

وأكدت المنظمة «تحتاج المرأة المسجونة –وأحيانا المرأة التي تهرب إلى ملجأ بسبب الانتهاكات – إلى حضور أحد أقاربها الذكور ليطلق سراحها». 

قالت ناشطة في مجال حقوق المرأة إن «السلطات تترك المرأة في السجن، إلى أن يأتي ولي أمرها لإخراجها، حتى إن كان هو من تسبب في سجنها»، مضيفة «إن رفض ولي الأمر الإفراج عن المرأة من السجن، قد تنقلها السلطات إلى مأوى حكومي، أو قد ترتب لها زواجا، ليصير الزوج الجديد ولي المرأة».

وقالت نساء سعوديات إن «الخيار الأكثر أمنا لهن هو مغادرة البلاد بعد أن تعرضن للضرب والتهديد من قبل أقاربهن الذكور، لكنهن لم يستطعن إقناع أولياء أمرهن، وهم المعتدون عليهن أحيانا، بالسماح لهن بالسفر».

انضمت السعودية إلى «اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة» (سيداو) في 2000، وهي ملزمة قانونيا بالقضاء على التمييز ضدها دون تأخير، بما يشمل إلغاء نظام ولاية الرجل.

في أبريل/نيسان 2016، أعلنت السعودية عن «رؤية السعودية 2030»، الرؤية المستقبلية للبلاد، التي نصت على أن الحكومة «ستستمر في تنمية مواهبها واستثمار طاقاتها وتمكينها من الحصول على الفرص المناسبة لبناء مستقبلها والاسهام في تنمية مجتمعنا واقتصادنا».

قالت «رايتس ووتش» إن الإبقاء على نظام ولاية الرجل يقوض حقوق المرأة الأساسية، وقدرتها على تحقيق رؤيتها للمستقبل. استشارت هيومن رايتس ووتش ناشطات سعوديات في مجال حقوق المرأة، وصاغت توصيات محددة من شأنها تحسين وضع المرأة، إن شرعت الحكومة في اتخاذ خطوات بشأنها.

واستحوذت المرأة السعودية على مقاعد سياسية حكومية من خلال فوز 20 سيدة بمقاعد في الانتخابات البلدية، ضمن أول عملية اقتراع في المملكة يتاح للسيدات المشاركة فيها ترشحا وانتخابا.

ونجحت سيدة الأعمال السعودية الدكتورة «لما السليمان» في الفوز بمقعد في بلدية جدة، كأول امرأة تنتخب إلى جانب 10 رجال منتخبين لمجلس إدارة غرفة جدة للتجارة والصناعة، وحصلت «رشا حفظي»على مقعد في المجلس البلدي لجدة وفازت «سناء عبداللطيف عبدالوهاب» في الدائرة الأولى.

جاء كل هذا بعد أن فتحت السعودية الباب أمام المرأة لاقتحام سوق العمل من خلال قرار إلزامية التأنيث في يوليو 2013، وهو ما يعد إنجازا تاريخيا في المملكة العربية السعودية بعد سلسلة من المحاولات والضغوطات من الداخل السعودي لإبراز دور المرأة كعضو فاعل في المجتمع.

ورغم هذه الإجراءات لازالت نسبة مساهمة المرأة ضمن القوى العاملة لا تتجاوز 25% في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، مايعني أنه وبالرغم من ارتفاع الاستثمارات في تعليم المرأة مازالت عائدات هذا الاستثمار ضعيفة.

وكالات-