مجتمع » حريات وحقوق الانسان

البحرين: الحكومة تتولى بنفسها السيطرة على الإنترنت عبر نظام مركزي لحجب المواقع

في 2016/08/06

أعلنت السلطات في البحرين إلزامها شركات الاتّصالات التي تقدّم خدمات الإنترنت، شراء نظام تقني موحّد لحجب مواقع الإنترنت، وربطه بنظام مركزي لتديره هيئة تنظيم الاتصالات، وهي الهيئة الحكومية المعنية بإصدار تراخيص شركات الاتصالات وتنظيم عملها.

ويعطي هذا التنظيم الجديد الحكومة السيطرة الكاملة على محتوى الإنترنت في البلاد، والتدخّل المباشر في حجب المواقع أو السماح بالنفاذ إليها.

ووفقا لخبير تقني، فسيسمح هذا القرار للحكومة بحجب أي موقع على الإنترنت بنفسها على جميع الشبكات، خلال دقائق، ودون الحاجة لإبلاغ شركات الاتصالات ولا طلب ذلك منها، وهو ما يسهّل العملية بشكل أكبر، ويجعل تجاوزها أو الاحتيال عليها أصعب بكثير.

بحسب القرار، فستتحمل شركات الاتصالات كل تكاليف النظام الجديد، في حين ستكون مهمة هيئة تنظم الاتصالات، تحديد نوع النظام الموحّد الذي سيفرض على الشركات، وإدارة عمليات حجب المواقع عبر تحديث قائمة المواقع المحظورة على النظام المركزي.  

وتحظر البحرين مئات المواقع على الإنترنت، منذ انتشار المنتديات في العام 2001، وتضاعف حجم هذا الحظر بعد انتفاضة العام 2011، إذ أغلقت السلطات المزيد من المواقع، من بينها صفحات الجمعيات السياسية المعارضة، موقع مركز البحرين لحقوق الإنسان، موقع صحيفة مرآة البحرين، موقع قناة اللؤلؤة، وغيرها.

وفي أحدث الإجراءات ذات الصلة، حظرت 3 من شركات الاتصالات تشغيل برنامج تيليجرام، وأرجع مراقبون السبب لكون الجهات المعارضة أو المواقع الإعلامية القريبة منها تستخدم خاصية القنوات فيه لنشر موادها.

خبير تقني: الحكومة تريد سيطرة مركزية على أنظمة الحجب

بيل مارك زاك، الخبير الأمريكي المعروف في شئون الإنترنت والأمن الرقمي، أبدى في تعليق لـ"مرآة البحرين" استغرابه من لجوء السلطات إلى هذا النوع من الإجراءات، رغم كون عمليات الحجب بالأسلوب الحالي فعّالة.

وقال إنه لا يظن أن الحكومة تواجه مشاكل في أسلوب الحجب الحالي، وإنه قد لا تكون هناك حاجة لهذا النظام الجديد، ورأى أن الهدف منه يبدو بشكل رئيس أن يكون التحكّم في حجب المواقع مركزيا "إنّهم يريدون دمج وتوحيد أسلوب التحكّم... يريدون أن يكون هناك جهاز رقابة داخل مزوّد الخدمة يتحكمون به هم".

وحول ما إذا كانت هناك احتمالات في أن يكون سبب هذا القرار، هو أن أنظمة الحجب الحالية عند بعض شركات الإنترنت غير فعّالة، أو أن بعض الشركات رفضت أو تجاهلت طلبات هيئة تنظيم الاتصالات في حجب مواقع معيّنة، قال زاك إن كلا الاحتمالين ممكن، مشيرا إلى أنّه في حالة حجب التليجرام على سبيل المثال، لم يحظر التطبيق في شركتي ميناتيليكوم، وتوكونكت، لكنّ الأسباب مجهولة، وقد تكون الحكومة نفسها لم تطلب منهما ذلك.

الحملة القمعية تمتد من الدراز إلى الإنترنت

ورأى الخبير الأمريكي، الذي ينشط أيضا في منظمة بحرين ووتش، إن الحكومة تفعل ذلك لأنها تشن حملات قمع في كافة المجالات، مثل إغلاق الوفاق، وإسقاط الجنسية عن الشيخ عيسى قاسم، وعليه فإنّهم يشنّون حملة أيضا على الإنترنت، ساعين لممارسة مزيد من السيطرة.

قرار هيئة تنظيم الاتّصالات، جاء بعد يومين من صدور تقرير تقني أكّد أن السلطات هي من يقوم بتشويش "متعمد" على شبكة الهواتف المحمولة وعلى الإنترنت ليلا، وذلك في قرية الدراز، التي تشهد اعتصاما جماهيريا حول بيت عالم الدين الشيعي البارز آية الله الشيخ عيسى قاسم، لا زال مستمرا منذ قيام السلطات بإسقاط جنسيته في 20 يونيو/حزيران 2016.

وقال التقرير، الذي أصدرته منظّمة بحرين ووتش، إنّ اختبارات تقنية أجراها مختصّون تظهر توقف عمل بعض أبراج الاتصال التابعة لشركتي (بتلكو) و(زين)، وأكّد أنّه من الممكن أن يكون التعطيل حدث بناء عن "أمر لتقييد الخدمة" من الحكومة.

ولفتت بحرين ووتش إلى احتمال أن "تكون الحكومة البحرينية تجبر الشّركات على وقف خدمات الإنترنت"، مشيرة إلى ما ذكرته منظمة فريدوم هاوس من أن حركة الإنترنت الواردة والصادرة من البلاد تراجعت خلال احتجاجات العام 2011 بنسبة 20 بالمائة، "الأمر الذي قد يكون ناتجًا عن تخفيف متعمد من قبل الحكومة أو أثرًا جانبيًا لعمليات المراقبة المتصلة بالشّبكة".

إجراءات احتياطية أخرى

وجاء في القرار أيضا، إن الهيئة قد ترسل طلبات "استنثنائية" لشركات الاتصالات لحجب مواقع معيّنة، ملزما الشركة بتنفيذها خلال أربع وعشرين ساعة من استلام الطلب.

حول ذلك قال مارك زاك، إنّه من غير الواضح لماذا وضعت الحكومة هذه الإجراءات الاحتياطية، رغم أنها ستكون قادرة على حجب أي موقع بشكل فوري وعلى جميع الشبكات، إلّا أنّه رجّح أن يكون ذلك للتعامل مع الحالات الطارئة التي يتعطّل فيها النظام المركزي عن العمل.

تعميم علني نادر

ورغم كونه أحد التعميمات النادرة التي تنشر علنا حول الإجراءات الرسمية المتعلّقة بحجب المواقع، إلا أن القرار ظل متكتّما على الجهة الحكومية التي ستحدد مواقع الإنترنت التي ينبغي حجبها، مكتفيا بالإشارة لها على أنها "الجهة العامة المسئولة عن تقييم محتوى المواقع الإلكترونية".

ولطالما طالب ناشطون بمعرفة الجهة المسئولة عن تحديد مواقع الإنترنت التي يجب حظرها في البلاد، لمناقشتها أو حتى مقاضاتها إن لزم الأمر، وكانت الشكوك تحوم حول وزارة الإعلام، أو وزارة الداخلية.

ومنذ العام 2012، تصنّف منظّمة مراسلون بلا حدود البحرين ضمن قائمة الدول أعدء الإنترنت، وتقول إن البنية التحتية لشبكة الإنترنت في البحرين تخضع إلى سيطرة السلطات بشكل مطلق، مما يسهل عملية مراقبة المعلومات على الإنترنت.

في مارس/آذار 2015، أطلقت منظمة مراسلون بلا حدود عملية تقنية لفك حجب 9 مواقع إلكترونية محظورة في 11 دولة موجودة على قائمة "أعداء الإنترنت"، وذلك احتفالاً باليوم العالمي لمكافحة الرقابة على الإنترنت، ومن بين المواقع التسعة موقع صحيفة مرآة البحرين، الذي حظر في البلاد منذ يونيو/حزيران 2011.

وفي تقريرها السنوي عن الحريات على الإنترنت، تصنّف فريدوم هاوس البحرين ضمن الدول غير الحرّة مطلقا منذ العام 2011، وفي العام 2014 حلّت البحرين في المرتبة الثانية عربيا والثامنة عالميا لأسوأ البلدان في حرية الإنترنت.

وعلى مدى 5 سنوات وثّقت فريدوم هاوس ما تقوم به سلطات البحرين في حربها على الإنترنت، من سجن للنشطاء بسبب تغريدات في تويتر، وتجسس على المستخدمين، وحجب للمواقع الإلكترونية ذات المحتوى السياسي والاجتماعي، والتحذير من مناقشة مواقف سياسية معينة، فضلا عن رعاية جيش من الترول على تويتر لتشويه سمعة المحتجّين ونشر الكراهية والتضليل ونشر معلومات متناقضة أو مهينة أو خاطئة.

ويبلغ انتشار الإنترنت 90٪ نسبة إلى سكان البحرين البالغ عددهم 1.1 مليون نسمة.     

وكالات-