مجتمع » حريات وحقوق الانسان

هل نثق في المنظمات الإنسانية؟!

في 2016/08/16

في عالمنا العربي نتكلم عن فساد المؤسسات الحكومية وأدائها الرديء، ولكن نادرا ما نتكلم عن فساد المنظمات الإنسانية أو الدينية التي تبدو في ظاهرها (إنسانية)، بينما هي تحت الغطاء تنخرط في: جمع تبرعات تفوق أداءها، جمع مؤيدين، تأليب رأي عام، تدليس مفرط لصالح كفة ضد أخرى.. وإلخ من الأشياء التي تُصدق ولا تُصدق.

لستُ ممن يثق في تلك المنظمات التي ترتدي عباءة الإنسانية، ربما لأني «إنسان مفرط في إنسانيته» كما يقول نيتشه، و«ذيبة» كما يقول جدي؛ لذا لم أكن «ناشطة» في يوم من الأيام، ولن أسعى لهذا الشرف الرفيع الذي يتباهى به بعض الحمقى، فالعمل الخيري عندما يخرج من دوائره الضيقة إلى العالمية والنور وضجيج المجتمع الافتراضي يتحول إلى شيء آخر.

كثير من الدول والميليشيات والأحزاب تستغل الغرض الإنساني من تلك المنظمات -التي غدت أغراضها الظاهرة ثغرة- لتمرير اتهاماتها لعدوها، وكل ما تريده أن يصل إلى المجتمع الدولي.. ولكن، هل نثق في كل ما تتلوه تلك المنظمات من معلومات في بياناتها.. أليس المنخرطون فيها جزءاً من هذا العالم القذر أيضا؟!

نادرا ما تجد اليوم في عالمنا العربي منظمة إنسانية حقيقية، بل تكاد تكون معظمها منظمات سياسية.. آخر همها الجانب الإنساني الذي باتوا يتاجرون به، والأطفال على رأس القائمة، فهم الورقة التي تُرفع كشوكة في الحلق أمام طالب حق.. تماما مثل الزوج والزوجة عندما يجعلان أطفالهما بينهما في المحاكم، ويخوضان في قضايا النفقة والحضانة وأشياء كثيرة فيُتهم الأب، أو الأم بأسوأ ما فيهما ليكسب أحدهما القضية.

منظمة «أطباء بلا حدود» حالها كحال كثير من المنظمات التي لا تثق في أدائها ولا نزاهة جميع المنخرطين فيها فمنهم الصالح والطالح، وفي بياناتها وبين منسقيها في كل بلد تضيع «الطاسة» الإنسانية ليحل محلها «طاسة» سياسية.

أطفال صعدة في اليمن يتم تجنيدهم في مركز تدريب عسكري خاص بالحوثيين، والمنظمات الإنسانية تغض الطرف عن ذلك، وكأن حمل الطفل للسلاح يشبه حمله (أيباد).. وعندما تقصف مراكز التدريب والتجنيد من قبل طائرات التحالف العربي، ويكون من ضمن الضحايا أطفال، فإن منظمة أطباء بلا حدود تنتفض، وتزيد من انتفاضتها بتدليس المعلومة.. فتذكر في بيانها أن مركز التجنيد الذي تم قصفه.. مدرسة أطفال!.

عبير الفوزان- عكاظ السعودية-