مجتمع » حريات وحقوق الانسان

مهمّشو المرأة.. وعي المجتمع تجاوزكم!

في 2016/08/16

أكد عدد من الناشطين والناشطات في المجتمع على أهمية دورة المرأة في المجتمع، وطالبوا بالوقوف أفرادا وأسرا ومؤسسات ومجتمعا بجانبها ودعمها في كل الجوانب، فالمرأة موازية للرجل في العطاء في أكثر من مجال، وتبذل الناشطة اجتماعياً منهن جهداً مضاعفاً للموازنة بين مهامها وإنجازاتها، فانخراطها في ساحة المجتمع يحتم عليها مواجهة التحديات الكبيرة والمعوقات وتنظيم وقتها بين الواجبات الأسرية ومساهماتها الاجتماعية، وهنالك العديد من النماذج المبدعة اللاتي أثبتن كفاءتهن وقدراتهن وتغلبن على الصعوبات ليكن قدوات تستلهم منهن باقي بنات الوطن العزيمة والإصرار وسب

كاملة الأهلية

ويؤكد فؤاد الحمد -مستشار تربوي - أن المرأة في ديننا الحنيف وشريعتنا السمحة كاملة الأهلية، لها من الحقوق وعليها من الواجبات ما على الرجل، سواء أكانت هذه الحقوق دينية أم دنيوية، وسواء مهنية أم اجتماعية أو حتى اقتصادية أو علمية أو تربوية، فلم يفرق الإسلام بين الرجل والمرأة إلا فيما يخصها كأنثى، لها صفات جسدية بيولوجية خاصة تختلف عن الرجال وهذه الصفات مزية لها وليست منقصة في حقها وشخصها الكريم.

وأضاف: هناك "عقدة" اجتماعية مفادها بأن المرأة مُحاربة من البعض في المجتمع أو مما يُطلق عليه بالأعراف الاجتماعية، وتلكم "العقدة" لم تُعطل المرأة فقط بل عطلت المجتمع بأسره، فلا وصاية على المرأة إلا ما أوصى الدين عليه وعلى هذا الأساس نجد أن المجتمعات المتقدمة؛ هي تلك التي جعلت للمرأة قصب السبق في المشاركة الاجتماعية وعلى كافة الأصعدة وبما يتناسب مع سمة وطبيعة المرأة الحقيقية، فالمرأة كالرجل تماماً في الإنسانية، وإنما التفاضل بينهما لا يكون إلا بالعمل الصالح فقط والإنجاز وقبل ذلك في أيهم يُقدم نِتاجهُ الفكري والعملي المُبدع لدينهِ ثم لوطنه ولمجتمعه، والثقافة الشرقية في اليابان والصين تحديداً ترى أن الكون تحكمهُ طاقتان؛ اليانج واليينج أو طاقة الإيجاب وطاقة السلب، طاقة ذكورية وأخرى أنثوية، وكلاهما يُكملُ الآخر وهما يتواجدان في الإنسان نفسه، ويدعمانه، فلا معنى للمرأة بدون الرجل والعكس صحيح فإذا زادت واحدة جاءت الأخرى لتُحدث التوازن بقدر الله، وهنا ملمحٌ مُهم هناك طاقة ذكورية شديدة في بعض المجتمعات وخاصة العربية؛ فأحدثت ردود فعلٍ عنيفة تتمثل في الشدة والعنف والصراعات ونحوه وبالتالي لابد من طاقة الأنوثة أن تحِل لتُحدث التوازن في تلكم المجتمعات؛ من خلال الحب والسلام والتنمية، التفهم واللين والتعاطف والتواصل، وهذا يتأتى بالتمكين الاجتماعي للمرأة وليصبح المجتمع مُمكناً من خلال المرأة وليس فقط تمكيناً للمرأة في المجتمع، وهذه هي سنة الحياة.

المرأة لا تختلف عن الرجل

وقالت معصومة العبدالرضاء -عضو المجلس البلدي بالأحساء والناشطة الاجتماعية- إن المرأة إنسان لا تختلف عن الرجل في عناصر الإنسانية وفي ظروف الحياة والحراك الاجتماعي إلى حد ما، وقد صورها القرآن الكريم في موقعين السلبي والإيجابي والإنسان عندما يتحرك في الواقع السلبي فلن يستطيع أن يجني أدنى ثمرة في الحياة لأنه يتحرك من واقع فكر مطاطي يستجيب لحالات التسلط الخارجي ويبني الآراء الجامدة ويهدر طاقات المقاومة وتضيع فرص الحراك بشتى أنواعها، ولا شك بأن الفكر هو سلسلة مترابطة من العمليات الذهنية ومن قدرات الإنسان العقلية وبالتالي هو المحرك لأي فرد وبما إننا في صدد الإجابة عن المرأة الاجتماعية هل هي محاربة أم قادرة على أداء أدوارها بالشكل المطلوب؟

فالجواب: تمثل المرأة الجانبين فهي محاربة وقادرة في آن واحد باعتبارها إنسانا وطبيعي أن تواجه ألوان من التحديات والمعوقات الداخلية والخارجية إذ أن المرأة ليست بمعزل عن الحياة من المؤيدين والمتمردين وأعداء النجاح وعليه ستكون نتيجة فكرها، فكيف تعيش حياة إلهام وإبداع وعطاء وحراك اجتماعي يتصف بالديمومة والذي لا يكون إلا بالتجاوز لمرحلة الصراع والنزاع تأكيداً على قوتها وقدرتها في إثبات وجودها التكاملي وأدوارها الاجتماعية متخذة كل المعوقات كروافد نقلة لها بأذن تسمع الذم مديحا والوهن قوة كونها إنسانة قوية بإيمانها المطلق بقدراتها وفي مواقفها الرافضة لكل مايمارس ضدها، وهي التي حينما يحدِّق الناس إلى مواقفها وحراكها باستصغار واستضعاف كانت تحدق في إيمانها بالله، ‎وأكاد أشير إلى بقدر وجود أعداء حراك -المرأة الاجتماعي بقدر الأنصار لها ومحدثتكم مثالاً بكثرة الأنصار والمؤيدين شاكرة لهم رقي فكرهم- وعلى النقيض تلك المرأة التي لا تعيش التحولات الاجتماعية وبالتالي ترفض التطور والتمدن بتعليق ذاك كله على قنوات المجتمع وشن حملات الحرب عليها ‎وتعلن إفلاسها ويصيبها الوهن لتلعب دور الضحية لتنال الاهتمام المطلق من شخصيات ليست بأقل منها وهن وضعف؛ حيث إنها تلجأ إلى هذا اللون من السلوك كنوع من التبرير الهزيل، وبعد هذا العصف بشأن الفكر الموجه أقول ومن واقع مشهود أن المرأة تواجه عدم تمكينها لتظهر إبداعاتها في مجتمع غلب عليه العنصر الذكوري وعدم استئناسه بآراء ومقترحات المرأة التي هي زميلة له في حراكه وعدم استيعابه بقدراتها إلا ما ندر من رجال أكفاء منصفين بأعين ثاقبة لدور المرأة الاجتماعي، ‎فالبرغم من بروز السيدات في الأحساء اللاتي سجلن أبرز الإبداعات وفي كل المجالات إلا إننا نأمل المزيد في ظل ما تزخر به الأحساء من طاقات لم تظهر بعد وتعاني تهميش معظم مقترحاتها وآرائها وأفكارها واستبدالها بمقترحات قريبة منها وبعنوان آخر، أو النظر إليها بعدم الكفاءة، وهذه دعوة لتمكين المرأة لتنمو في ظل رعاية الاستحقاق كما شرعه الشرع ومنحته إياه حكومتنا الرشيدة في إتاحة الفرصة في الحضور السياسي والتنموي بمجلس الشورى والمجلس البلدي.

تفاوت مجتمعي

وتقول رجاء البوعلي -كاتبة وناشطة في قضايا الشباب-: عندما يُقال "المرأة الاجتماعية" يتبادر للذهن تساؤل: أي مجتمع هو المقصود، فالمجتمعات العربية مثلاً، وبرغم التشابه الكبير بينها، إلا أن التفاوت أيضاً كبير جداً، ولا يمكن أن تكون المرأة الاجتماعية مُحاربة فالمجتمع لا يحاربها لأنه يبغضها كامرأة، لكن ربما ما يحدث أشبه بعدم فهم لرسالتها المرجو تحقيقها، مما يؤدي لعرقلة مسيرتها التنموية في المجتمع، وتضييع جهودها البناءة والتظليل عليها باختلاق أوهام ومُعيقات، وهذا بدوره قد يخلق شيئاً يبدو وكأنه مناهضة لمشاركتها الاجتماعية، والحديث عن قدرة المرأة على أداء دورها الاجتماعي، يفتح لنا باباً للبحث في أسباب عجزها عن المشاركة الفاعلة الكاملة؛ وهنا نختصر بعض الأسباب، كغياب مؤسسات المجتمع المدني المهتمة بقضايا المرأة؛ ولنا أن نتصور لو أن مجتمعنا بضخامة حجمه وتعدد إمكانياته ومجالاته وتفاوت قدراته، يمتلك جمعيات ومؤسسات مدنية تكون فيها المرأة فاعلة ومشاركة كالرجل تماماً، كيف سيكون دورها في دعم المشاركة الاجتماعية النسوية بشكل ناهض؟ وربما ما تقوم به المراكز الرسمية الموجودة حاليا ساعد في تمكين المرأة من العمل الاجتماعي، لكنها لا تكفي بالطبع، بل ولا تتناسب مع كثافة المجتمع وحاجته للتغيير الاجتماعي خاصة فيما يتعلق بدور المرأة ومشاركتها التنموية.

الأمر الثاني صعوبة التغيير في القيم الاجتماعية؛ وهذه من أهم التغيرات البنائية داخل المجتمع، فتغيير بناء المعايير يؤثر مباشرة في تغيير الأدوار والعلاقات الاجتماعية، وبالتالي قد يدعم دور المرأة وقد يكبحها ويتحقق هذا التغيير مثلاً باستحداث أدوار ووظائف وتمكينات جديدة، كتمكين المرأة من بعض الوظائف القيادية والإدارية الرئيسية والقضائية وغيرها وهكذا تتشكل معايير وقيم مستحدثة تتناسب مع تقدم العصر وضرورة تفعيل دور المرأة ومشاركتها، الأمر الذي يؤثر تأثيرا بالغا في صناعة رؤية مجتمعية تجاه المرأة تختلف تماماً عن سابقتها وعندما يحدث التغيير فلن يقتصر على البيئة العملية بل سيؤثر على نظيرتها المجتمعية وبالتالي يدعم أداء المرأة أوتوماتيكيا، والخلاصة؛ يجدر بنا العودة للبنية الفكرية المتأصلة تجاه هذه المرأة في مجتمعها المعني، ومراجعة الثقافة السائدة والتفكير الجمعي المتعارف عليه، ثم بعد ذلك يمكن متابعة التحولات الثقافية للمرأة خلال حقبة زمنية معينة، كيف كان دور المرأة؟ وكيف تطور إلى أن وصل إلى مستواه الآن، والتغيير حدث تدريجيا، ولازال مسترسلا، وستحقق المرأة دورها الاجتماعي بالشكل المطلوب، القضية قضية وقت ليس إلا.

عادات وتقاليد

وتقول ثناء الحسن -الناشطة الاجتماعية- إن في مجتمع محافظ كمجتمعنا يصعب كسر العادات والتقاليد التي باتت معتقدات ثابتة لدى البعض وبالأخص النظرة للمرأة وعلى دورها بالمجتمع ومشاركتها الفعالة في بناء وطنها وأعماره سواء بالقلم أو الفكر أو اليد، وبالرغم من محاولات الكثير بتغيير هذه المعتقدات التي تحد من فاعلية ودور المرأة إلا أن هذا الفكر وأصحابه يمثلون شريحة كبيرة جداً في المجتمع ولكن ما يثلج الصدر أن هناك محاولات قام بها أصحاب الفكر الناضج والذين يؤمنون أن لدى بعض النساء طاقات وقدرات يجب الاستفادة منها واستغلالها لصالح الجميع أفراداً ومجتمعات عبر إظهار نماذج ناجحة يمكن أن يُستلهم من قصتها أو تعتبر قدوة لبنات جنسها وتعكس صورة طيبة عن دينها وتمثل وطنها، أيضا هناك نساء استطعن تخطي هذه العقبات والعبور إلى منطقة السلام المؤقت؛ حيث لا صراع ولا تصادم فكري بل تركيز الجهود على ما سيدعمهن في تحقيق أهدافهن ومسيرتهن في الحياة.

وتضيف: التحدي أمام المرأة ليس سهلاً في إثبات ذاتها وخلق كيانٍ خاص بها تستطيع من خلاله أن تعكس ثقافتها وعلمها ليعم الخير عليها وعلى من حولها، فالمجتمع نعني به أولاً أفراد الأسرة وهم الخط الأول الذي يفترض به أن يكون داعماً ومشجعاً ومحفزاً وتهيئة البيئة التي تدعم الإبداع وتساعد على النجاح منذ التنشئة وحتى سن الرشد، كما أن دور الأسرة في الدعم يفتح للمرأة أفاقاً تنطلق منها بكل ثقة وقوة، أما الخط الثاني وهم الفئة الأكثر استفادةً من العطاء الذي سيُقدم من المرأة كمواطن وشخص فاعل نتأمل أن يتم احتضان الرائدات في مجتمعهن سواء كن رائدات في أعمال مجتمعية أو أعمال تجارية من شأنها أن تساهم في رفعة هذا البلد ونمو اقتصاده، فالمرأة بحاجة للتمكين أكثر لا للتصدي لنجاحها وإنجازها والتقليل من عزيمتها وإرادتها وإضعاف همتها ورغبتها في العطاء، والسلبيون وأصحاب الفكر المحدود هم فقط من يرون أنه يجب تقليص مكانة المرأة وتأثيرها وتضييق صلاحياتها ظناً منهم أنها تنافس الرجال في ذلك دون النظر لعنصر المشاركة الفعالة لتحقيق أروع النتائج وهدف واحد ينشده الجميع، وكما أن وراء كل رجل عظيم امرأة فوراء كل امرأة عظيمة رجل يدعمها ويكون لها سنداً ومجتمع يحتضن ويستثمر نتاجها ودولة تحمي حقوقها وتمكنها.

المجتمع للخدمة

وتؤكد فاطمة العامر أن المجتمع ليس بساحة حرب لأجل أن تحارب النساء فيه، بل الخدمة المجتمعية مفتوحة للجنسين يقومان بأدوار متوازية فيه سعياً لمجتمعات أكثر حضارية، وعلى الرغم مما يشهده مجتمعنا في الفترة الأخيرة من متغيرات اجتماعية وثقافية إلا أنه ما يزال هناك بعض العوائق التي تتعرض لها النساء كالنظرة السلبية لبعض أفراد المجتمع أو الجهد المضاعف الذي تبذله لكي تثبت كفاءتها بالإضافة لبعض القوانين التي تعترض طريقها ولكنها تثبت قدرتها على العطاء بالشكل المطلوب ولدينا الكثير من النماذج التي تفرض وجودها.

تضحيات وتنازلات

وتؤكد منى البقشي -ناشطة اجتماعية- أن المرأة الناشطة اجتماعياً تبذل جهداً مضاعفاً للموازنة بين مناشطها وإنجازاتها لتنهض بمجتمعها، فانخراطها في ساحة المجتمع تحتاج تحديات كبيرة للمعوقات التي تواجهها فالتضحيات والتنازلات تندس بين حياتها فهي تتطلب تنظيم وقتها وجدولته حسب الأهم فالمهم لعدم الإخلال بالواجبات الأسرية وبين مساهماتها الاجتماعية، فهناك نماذج من المرأة الصاعدة بأسرتها ومجتمعها في آن واحد لإعطائها كل ذي حقٍ حقه، فالأسرة والأبناء لا تقل أهمية عن بناء المجتمع فهم اللبنة الأساسية لنهوض المجتمع، وأيضاً المرأة تناشد من حولها المساندة؛ لأنها النصف المكمل للمجتمع فالمرأة باتت موازية للرجل في أكثر المجالات، فعدم الاعتراف بهوية نضجها وقوتها يعد تكميم وتمرد على قدراتها وعدم إنصافها.

وكالات-